(وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) وان أكل ما لم يذكر اسم الله عليه فسق وخروج عن الطّاعة ويحتمل رجوع الضّمير الى ما لم يذكر اسم الله عليه ، فانّ الفسق ما أهلّ لغير الله به وتمام ما يتعلّق بأحكام الذّبيحة تعلم من الفروع.
الخامسة : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) يعني الإبل والبقر والغنم (لَعِبْرَةً) دلالة يعتبر بها من الجهل الى العلم (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) استيناف لبيان العبرة وتذكير الضمير وتوحيده هنا نظرا الى لفظه فانّ الأنعام اسم جمع لا جمع حقيقة فيعتبر لفظه مرّة فتذكّر ومعناه اخرى فيؤنّث كما أنّث في سورة المؤمنين ، وكذلك عند سيبويه المفردات المبنيّة على أفعال كأخلاق والباس ونحوها يذكّر ضميرها تارة ويؤنّث أخرى ، ومن قال انّه جمع جعل الضّمير لبعض المفهوم منها فانّ اللّبن لبعضها وهو الإناث دون الجميع ، ويحتمل أن يراد به الجنس فلا اشكال.
(مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً) فإنّه يخلق من بعض أجزاء الدّم المتولّد من الأجزاء اللطيفة الّتي في الفرث وهو الأشياء المأكولة المنهضمة بعض الانهضام في الكرش.
وعن ابن عبّاس : أنّ البهيمة إذا اعتلفت واستقرّ العلف في كرشها طبخته وكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما والكبد هو المتسلّط على الأصناف الثّلاثة فيقسمها فيجري الدّم في العروق واللّبن في الضّرع ويبقى الفرث كما هو ، وأنكر الأطبّاء هذا القول من حيث أنّه على خلاف الحسّ والتّجربة أمّا الحسّ فلانّ الانعام تذبح ذبحا متواليا ولا يرى في كرشها دم ولا لبن وامّا التّجربة فلانّ الدمّ لو كان في أعلى المعدة والكرش كان يجب إذا قاء أن يقيء الدّم وليس كذلك.
بل التّحقيق انّ الحيوان إذا تناول العلف حصل في معدته أو كرشه هضم أوّل فما كان منه صافيا انجذب الى الكبد وما كان كثيفا نزل إلى الأمعاء ثم الّذي يحصل في الكبد ينطبخ فبها ويصير دما وذلك الهضم الثّاني ويكون مخلوطا بالصّفراء والسّوداء وزيادة المائيّة امّا الصّفراء فتذهب الى المرارة والسّوداء الى الطّحال والماء إلى الكلية ومنها إلى المثانة وأمّا ذلك الدّم بأنّه يدخل في الاوردة وهي العروق الثّابتة