هذا فضلا عن
وجود التخالف الفاحش بين أكدار أحاطت بتلك الكتب على أثر التحريف ، وقداسة زاكية
حظي بها القرآن الكريم ، ولا يزال مصونا في حراسته تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
هذا إجمال الكلام في ذلك ولنخض في تفصيل الحديث :
كتب الكثير من
الكتّاب المستشرقين عن نبيّ الإسلام والقرآن حسب أساليبهم في التحقيق عن سائر
الأديان ، حيث لا يرون لها صلة بوحي السماء. فكان من الطبيعي في عرفهم أن يلتمسوا
من هنا وهناك مصادر غذّت تلكم الشرائع في طول التأريخ.
وحتّى من تظاهر
منهم بالمسيحيّة يعتنقونها شكليّا وليس عن صدق عقيدة.
غير أنّ
المسيحية ـ ولو شكليّا ـ كانت من الدوافع الحافزة للبغي على الإسلام وللنظر إليه
نظرة سوء. وهذا ما يسمّى بالاستشراق الديني الّذي قام به أبناء الفاتيكان ، كان
أوّل روّاده من رجال الكنيسة وعلماء اللّاهوت حيث ظلّوا المشرفين على هذه الحركة
والمسيّرين لها طوال القرنين الأخيرين. وكان الهدف من ذلك :
١ ـ الطعن في
الإسلام وتشويه حقائقه.
٢ ـ حماية
النصارى من خطر الإسلام بالحيلولة بينهم وبين رؤية حقائقه الناصعة وآياته البيّنة
اللّائحة.
٣ ـ محاولة
تنصير المسلمين ، ولا أقلّ من تضعيف العقيدة في نفوسهم أضف إلى ذلك دوافع
استعماريّة : ثقافيّة وسياسيّة وتجاريّة تحول دون خلوص مهنة الاستشراق (استطلاع
تاريخ الثقافة الشرقية بسلام) ومن ثمّ فقد أسيء بهم الظنّ في كثير ما يبدونه من
نظر.
جاء في قصّة
الحضارة : وكان في بلاد العرب كثيرون من المسيحيّين وكان منهم عدد قليل في مكّة ،
وكان محمّد على صلة وثيقة بواحد منهم على الأقل هو ورقة بن نوفل ابن عمّ خديجة ،
الذي كان مطّلعا على كتب اليهود والمسيحيّين المقدّسة. وكثيرا ما كان محمد يزور
المدينة التى مات فيها والده عبد الله. ولعلّه قد التقى هناك ببعض اليهود وكانوا
__________________