إسرائيل. وكان في حشد عزرا من كان يسمّى بهذا الاسم. (١) كما لم ينكر هذا الانتساب منذ العهد الأوّل فإلى الآن ، دليلا على صحّة الانتساب.
وعلى أيّ حال فلا غرو أن يأتي القرآن بحديث لم يأت مثله في كتب الأقدمين ولا عرفه أصحاب الديانات المعاصرة لنزول القرآن. وقد نبّهنا أنّ القرآن يأتي بالصفو الصحيح من آثار الأنبياء والصدّيقين ، بما أعجب وأبهر ، ولذلك يقول سبحانه : بشأن قصص الصدّيقة مريم : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ). (٢)
إذ جاءت قصّتها في كتب السابقين مشوّهة محرّفة ، ولكنّها في القرآن نقيّة زاكية.
تأليه الصدّيقة مريم!
(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ...). (٣) وهذا تعريض بفرقة من فرق النصارى قالوا بألوهية المسيح وأمّه ... الأمر الّذي انكرته فرق النصارى اليوم ، بحجّة أنّه لم توجد فرقة تعتقد ألوهية مريم العذراء!
لكن التاريخ يشهد بوجود فرقة أو فرق من المسيحيين الأوائل كانوا يعتقدون بألوهيّتها إلى جنب ألوهيّة المسيح :
يقول عنهم ابن البطريق ـ الطبيب المؤرّخ المسيحي (٢٦٣ ـ ٣٢٨ ه / ٨٧٧ ـ ٩٤٠ م) : (٤)
«وكانوا مختلفين في الآراء والأديان. فمنهم من كان يقول : إنّ المسيح وأمّه إلهان من دون الله. وهم «البربرانيّة» ... ويسمّون «الريمتيين» (المريمانيّة). ومنهم من كان يقول : إنّ المسيح من الأب بمنزلة شعلة نار انفصلت من شعلة نار ، فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية منها. وهي مقالة «سابليوس» وشيعته. ومنهم من كان يقول : لم تحبل به مريم تسعة
__________________
(١) راجع : عزرا ، إصحاح ١٠ ، عدد ٣٤.
(٢) آل عمران ٣ : ٤٤.
(٣) المائدة ٥ : ١١٦.
(٤) هو سعيد بن البطريق من أهل مصر. ولد بفسطاط واقيم بطريركا في الإسكندريّة وسمّي أنتيشيوس (suihcytnE) سنة ٣٢١ ه ق. له كتب في الطب والتاريخ ولا سيما تاريخ المسيحيّة. كتب عن فرق النصارى وما بينهم من شقاق وخلاف. راجع : الوافي بالوفيات للصفدي (٧٦٤ ه) ، ج ١٥ ، ص ١٢٧ ، رقم ٤٨٥٨ ؛ والأعلام للزركلى ، ج ٣ ، ص ١٤٤.