على أنّ في القرآن ما يشهد بوقوع مأساة العجل بعد ذهاب الشيوخ السبعين للميقات :
أوّلا : أنّ ذهاب الشيوخ السبعين كان حسب الوعد للميقات ، وقد صرّحت الآيات بأنّ مأساة العجل وقعت بعد هذا الميقات الذي طال أربعين ليلة.
قال تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) ـ إلى قوله ـ (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ). (١)
وقال بشأن السبعين رجلا : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا). (٢)
أما فعل السفهاء الذي يعتذر منه موسى فهو طلبهم الرؤية : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ). (٣)
ثانيا : التصريح بذلك في سورة النساء : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ). (٤)
ومن المعلوم أنّ هؤلاء الشيوخ السبعين إنّما صحبوا موسى للميقات لإبلاغ رسالة القوم في طلب الرؤية ، ومن ثمّ جاء في سورة طه : (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى. قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى. قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ). (٥)
* * *
وهكذا جاء في سفر الخروج (١ ص ٢٤) :
وقال لموسى اصعد إلى الربّ أنت وهارون وناداب وابيهو وسبعون من شيوخ بني إسرائيل ، واسجدوا من بعيد ، ويقترب موسى وحده إلى الربّ وهم لا يقتربون. وأمّا الشعب
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٤٢ ـ ١٤٨.
(٢) الأعراف ٧ : ١٥٥.
(٣) النساء ٤ : ١٥٣.
(٤) النساء ٤ : ١٥٣.
(٥) طه ٢٠ : ٨٣ ـ ٨٥.