أوليائه الكرام :
قال تعالى : (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ. وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ). (١)
(وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ). (٢)
يعقوب ينتهب النبوّة من أخيه عيسو!
لم تتوان اليهود في الحطّ من كرامة الأنبياء حتّى ولقد مدّوا يد التدنيس إلى حياة أبيهم يعقوب ليجعلوه متزوّرا لبّس الأمر على أبيه إسحاق لينتهب النبوّة من أخيه «عيسو» حيث كان مرشّحا لها من قبل أبيه. فأغفل يعقوب أباه إسحاق واستغلّ عماه ليتصوّر أنّه عيسو فيبارك له بالنبوّة! في مثل هذا التلاعب الصبياني تذكر التوراة حادث انتقال النبوّة من إسحاق إلى يعقوب. يا لها من مهزلة حمقانيّة وإساءة أدب إلى ساحة أنبياء الله العظام! (٣)
__________________
(١) الأنبياء ٢١ : ٧٤ و ٧٥.
(٢) الصافّات ٣٧ : ١٣٣ ـ ١٣٥.
(٣) جاء في الإصحاح ٢٧ من سفر التكوين : وحدث لمّا شاخ إسحاق وكلّت عيناه أنّه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال : اخرج إلى البريّة وتصيّد لي صيدا ، واصنع لي أطعمة حتّى تباركك نفسي قبل أن أموت. وكانت رفقة (زوجة إسحاق وأمّ يعقوب) سامعة إذ تكلّم إسحاق مع عيسو ابنه ، فكلّمت يعقوب ابنها بما قال أبوه ، قالت : فالآن يا ابني اذهب إلى الغنم وخذ جديين جيّدين من المعزى ، فاصنعهما أطعمه لأبيك كما يحبّ ، فتحضرها إليه ليأكل ويباركك قبل وفاته. فذهب يعقوب وأخذ وأحضر لأمّه ، فصنعت أطعمة كما كان يحبّ أبوه. وأخذت رفقة لباس عيسو الفاخرة وألبستها ابنها يعقوب. وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى ـ لأنّ عيسو كان أشعر ويعقوب كان أملس ـ صنعت ذلك تلبيسا على إسحاق. وأعطت الأطعمة في يد يعقوب. فدخل إلى أبيه وقال : يا أبي فقال : ها أنا ذا ، من أنت يا ابني؟ فقال يعقوب : أنا عيسو بكرك ، قد فعلت كما كلّمتني ، قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك. فقال إسحاق : ما هذا الذي أسرعت؟ فقال : إنّ الربّ إلهك قد يسّر لي. فقال إسحاق : تقدّم لأجسّك يا ابني ، أأنت هو ابني عيسو أم لا. فتقدّم يعقوب ، فجسّه وقال : الصوت صوت يعقوب ، ولكن اليدين يدا عيسو. ولم يعرفه ، لأنّ يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه ، فباركه وقال : هل أنت هو ابن عيسو؟ فقال : أنا هو. فدعا له إسحاق وقال : ليستعبد لك شعوب ، وتسجد لك قبائل. كن سيّدا لإخوتك وليسجد لك بنو أمّك. وعند ما فرغ إسحاق من بركة يعقوب وخرج من عنده جاء عيسو وأتى بالصيد ليبارك له أبوه فارتعد إسحاق ارتعادا عظيما جدّا ، واتّضح الأمر ، فصرخ عيسو صرخة عظيمة ومرّة جدّا ، وقال لأبيه : باركني أيضا. فقال : قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك. ورفع عيسو صوته وبكى ، وقال : قد أخذ يعقوب بكورتي وبركتي. وعزم على قتل أخيه ، لو لا فراره من وجهه واختفاؤه عند أخواله بإشارة من أمّه رفقة. وهكذا أصبح يعقوب نبيا وأصبح إخوته عبيدا له.