طاعة ربّه ، وبورك للعالمين في نسله.
غير أنّ التعبير ب «ابنك وحيدك» ـ دليلا على سخاء نفس إبراهيم بولده الوحيد يذبحه امتثالا لأمر ربّه ـ ممّا يتنافى وكون الذبيح هو إسحاق ، الذي كان أصغر من أخيه إسماعيل بأربعة عشرة عاما.
فالابن الوحيد الذي جادت نفس إبراهيم بذبحه ليس سوى إسماعيل.
وقرينة اخرى : إنّ الذي بورك العالمون بنسله وأفاض نسله بالبركات على العالمين هو إسماعيل ، دون إسحاق الذي كان ولا يزال نسله (بنو إسرائيل) نكبة في العالمين ، ومفجر الفساد بين العباد ، والعيث في البلاد.
وفي القرآن إشارة إلى ذلك ، حيث يقول تعالى : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ. فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ. فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ. وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ. كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ. وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ). (١)
فالتبشير الأول بغلام حليم ينبئ عن أنّ إبراهيم لم يكن صاحب ولد لحينذاك ، حيث بشّره بغلام.
والتبشير الثاني جاء تصريحا باسم إسحاق نبيّا من الصالحين. فيدلّ على أنّ التبشير الأول كان بغير إسحاق ، وهو إسماعيل.
وفي الإصحاح ٢١ من سفر التكوين :
إن الربّ بشّر إبراهيم بنسل في ولده إسحاق. وبنسل في ولده إسماعيل ، ولكن يجعل من نسل إسماعيل أمّة.
جاء في العدد ١٢ : لأنّه بإسحاق يدعى لك نسل.
__________________
(١) الصافّات ٣٧ : ١٠١ ـ ١١٣.