ثعبان أو جانّ ... نقول : إنّه يعتبر كلّ هذه الحكايات تاريخا ، مع أنّه لا يوجد في العالم بلد حرص على تدوين تاريخه كتابة كمصر ، وليس في التاريخ المصري شيء من هذا ، ومع ذلك فقد عدّها المؤلّف قصصا تاريخيّا ... (١)
لـمّا أخذت فرعون العزّة بالإثم وعتى عن أمر الله تعالى وتمادى في تكذيب موسى وهارون ، واستمرّ في إعنات بني إسرائيل وإيقاع ضروب الإذلال والإهانة بهم ، أمر الله تعالى موسى أن يعلن فرعون وقومه بوقوع العذاب بهم. فكانوا كلّما وقع بهم عذاب بعد إنباء موسى إيّاهم به وعدوه بالإيمان تارة وبإرسال بني إسرائيل اخرى إن كشف الله عنهم العذاب. وكلّما كشف الله عنهم عادوا إلى طغيانهم وغدروا بعهدهم وخاسوا بوعدهم ، وهكذا إلى أن وقعت الآية الكبرى والبطشة العظمى ، وهي إغراق فرعون في اليمّ ونجاة بني إسرائيل. والآيات ـ حسبما ذكره المفسرون ـ هي :
١ ـ الجدب «أخذناهم بالسنين» بأن قلّ عنهم ماء النيل وقصر عن إرواء أراضيهم.
٢ ـ النقص من الثمرات بسبب ما أتى عليها من الجوائح والعاهات.
٣ ـ الطوفان ، قيل بطغيان النيل حتى دخل بيوتهم ومساكنهم فخرّبها ، وفاض على مزارعهم فأفسدها في وقت كان الزرع فيها ناميا.
٤ ـ الجراد ، بأن هجمتهم جحافل الجراد فأكل الزرع واجتاح الثمار.
٥ ـ القمّل ، قيل : هو السوس الذي يفسد الحبوب. وقيل : القراد ، دويبة تتعلّق بالبعير ونحوه وهي كالقمل للإنسان تلسعه وتأخذ راحته. وأبدلتها التوراة بالبعوض ، كما يأتي.
٦ ـ الضفادع ، كثرت عليهم حتى نغضت عليهم عيشتهم بسقوطها على فرشهم وأوانيهم وطعامهم.
٧ ـ الدم ، قال زيد بن أسلم : سلّط الله عليهم الرعاف بحيث أزعج عليهم الحياة.
٨ ـ الطمس على أموالهم ، فتوالت عليهم الخسران في مكاسبهم.
٩ ـ اليد البيضاء ، إذ كان يضع يده في جيبه ثمّ يخرجها بيضاء من غير سوء.
__________________
(١) الفنّ القصصي في القرآن الكريم ، مع شرح وتعليق خليل عبد الكريم ، ص ٤١٥ ـ ٤١٦.