أو صياح ديك. وقد ورد نفس الشيء عن ملوك عيلام.
وحين رأى الناس سلوك كورش ، وقارنوا ذلك بما كان سائدا ومتّبعا آنذاك ، كانوا يعتبرونه حاكما عادلا منصفا ، طيّب القلب يحبّ الخير للناس. (١)
ويعتبره المؤرّخون أوّل من أرسى الاسس الأخلاقيّة في العالم القديم وأدخل اسلوبا جديدا لمعاملة الممالك التابعة والشعوب المغلوبة. (٢)
ويذكر المؤرّخ اليوناني الكبير «هيرودتس» أنّ كورش ـ بعد إخضاع بابل ـ توجّه نحو الشمال الغربي لإعادة الأمن على البلاد ، وإخضاع القبائل الوحش (ماساجيت ـ مأجوج) التي كانت تشنّ إغارتها على البلاد الآمنة. يقول : وكان قد توجّه لذلك الصوب بدافع إلهي ... أوّلا : أصالة نزعته الإلهيّة ... وثانيا : ثقته النفسيّة اعتمادا على ما مكّنه الله تعالى من القوّة والسطوة وقدرته الفائقة على إخضاع كلّ الصعاب. (٣)
ويقول «ول ديورانت» : كان كورش من الحكّام الذين خلقوا ليكونوا حكّاما ، والذين يقول فيهم «إمرسن» : كان الناس يبتهجون عند ما يرون هؤلاء يتوّجون. فلقد كان ملكا بحقّ في روحه وأعماله ، قديرا في الأعمال الإداريّة والفتوح الخاطفة المحيّرة ، كريما في معاملة المغلوبين ، محبوبا لدى أعدائه السابقين ، فلا عجب والحالة هذه أن يتّخذ اليونان منه موضوعا لعدّة روايات بطوليّة وأن يصفوه بأنّه أكبر أبطال العالم. (٤)
كان وسيّما بهيّ الطلعة ـ وقد اتّخذه الفرس نموذجا للجمال البشري حتى آخر أيّام فنونهم القديمة ـ (٥) وأنّه أسّس الاسرة الهخامنشيّة اسرة الملوك العظام التي حكمت بلاد الفرس في أزهى أيّامها وأعظمها شهرة ، وأنّه نظّم قوّات ميديا وفارس الحربيّة ، فجعل منها
__________________
(١) مفاهيم جغرافيّة ، ص ٢٥١ ـ ٢٥٥.
(٢) تاريخ إيران ، ص ٧١ ـ ٧٢.
(٣) ـ «انگيزه هاى متعدّدى داشت ، يكى اصل وتبار ايزدى وى ، ديگر پيروزيهاى پى درپى ...». تاريخ هيرودت ، ص ٩٩.
(٤) قصة الحضارة ، ج ٢ ، ص ٤٠٣.
(٥) يبدو من وصف «ول ديورانت» عن الشعب الفارسي أنّهم كانوا أجمل شعوب الشرق الأدنى في الزمن القديم ، فالآثار الباقية من عهدهم تصوّرهم شعبا معتدل القامات قويّ الأجسام ، قد وهبتهم طبيعة البلاد شدّة وصلابة ، ولكن ثروتهم الطائلة رقّقت طباعهم ، وهم ذوو ملامح متناسبة متناسقة ، شمّ الانوف ، تبدو على وجناتهم سمات النبل والروعة ـ ثمّ يأتي في وصف ملابسهم الجميلة ذوات وقار وإكبار ... قصّة الحضارة ـ تاريخ الشرق القديم ، ج ٢ ، ص ٤١٠.