وظلّ كورش محاذيا شاطئ بحر قزوين حتّى وصل إلى نهر أطلق عليه اسمه «كورش» أي سائرس (سيروس). (١) والإقليم جزء من آذربيجان الشرقية التي تقع في الجنوب الشرقي من قفقاسيا وتشمل سهول نهر «كورا» المنخفضة والتي تحيط بها الجبال من كلّ الجهات. فلا تنفتح إلّا من جهة الشرق حيث بحر قزوين.
وهذه الجبال هي القفقاز من الشمال ، وإرمينيا من الغرب ، وجبال آذربيجان الشرقية من الجنوب. وتجري المياه نحو هذه السهول من جميع الأطراف من الجبال المحيطة بها ، وتكون شديدة الانحدار ، لقصر المسافة التي تقطعها ، فتحفر أودية واسعة سحيقة ، تعتبر من مراكز الزراعة في الإقليم. وأمطار هذه السهول نادرة لانحصارها بين المرتفعات التي تحجب الأمطار عنها ، ممّا يجعلها جافّة ، ولكن هذا الجفاف يعوّض بالمياه المتدفّقة التي تجري من المرتفعات. وأشهر هذه المجاري وأطولها نهر «كورا» الذي يجري من جورجيا (گرجستان) ويمرّ من عاصمتها تفليس ، ثمّ يدخل أراضي آذربيجان حيث يرفده نهر «أيورا» المنساب أيضا من جورجيا ، ويتّجه النهر نحو الجنوب الشرقي حتّى يصبّ في البحر.
وعليه فكان العائشون في المنطقة في رفاهيّة من العيش ، حيث خصوبة الأرض ووفرة المياه ، آمنين مطمئنّين سوى ما كان يهدّدهم أقوام وحشيّة كانوا يسكنون وراء الجبال فربما أغاروا عليهم بين حين وآخر. ولم يكن التهديد لسكّان تلك المناطق الشاطئيّة وحدها من القبائل الوحشيّة ، بل كان يشمل سكّان إرمينيا وجورجيا أيضا.
من هم يأجوج ومأجوج؟
عنوان أطلقه القرآن الكريم على السلالات البشريّة المتوحشة في عصر ذي القرنين.
(قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ
__________________
(١) والآن يسمّى نهر كورا ، كما يأتي.