(فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً).
(قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا). (١)
والذي يبدو من هذه الآيات : أنّ لذي القرنين شأنا عند الله ، وأنّه كان ملهما من عنده ، بعثه الله (٢) سطوة على الطغاة ونجاة للعباد في أرجاء البلاد.
وهكذا جاء في منشور كورش دعما لإحياء القدس من جديد وإطلاق سراح إسرائيل من الأسر. منوّها أنّ ذلك من أمر الإله ربّ العالمين.
جاء في كتاب عزرا ، أصحاح ١ : ١ ـ ١١ : «وفي السنة الاولى لكورش ملك فارس ، عند تمام كلام الربّ بفم إرميا ، نبّه الربّ روح كورش ملك فارس ، فأطلق نداء في كلّ مملكته ، وبالكتابة أيضا ، قائلا : «هكذا قال كورش ملك فارس : جميع ممالك الأرض دفعها لي الربّ إله السماء ، وهو أوصاني أن أبني له بيتا في أورشليم التي في يهوذا ...».
وجمع الإعانة من كلّ أبناء ملكه الوسيع ، قائلا : «وكلّ من بقي في أحد الأماكن ، حيث هو متغرّب ، فلينجده أهل مكانه بفضّة وبذهب وبأمتعة وببهائم ، مع التبرّع لبيت الرّبّ في اورشليم.
وحتّى أنّه أرجع التراث الإسرائيلي الذي كان قد نهبه بخت نصّر ، وردّه إلى البيت ، وكانت أواني من ذهب وفضّة ما يعدّ بالالوف». (٣)
والتعبير في هذا البيان : أنّ الربّ نبّه روح كورش. وهو الوحي بمعنى الإلهام.
وهذا يتّحد مع قوله هو : وهو أوصاني أن أبني له بيتا ... أي وقع في خلدي فعل هذا الخير. وكلّ فكرة خير إنّما هو من عند الله. كما أنّ فكرة الشرّ من الشيطان. (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ). (٤) (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً). (٥)
__________________
(١) الكهف ١٨ : ٨٣ ـ ٩٨.
(٢) كما بعث بخت نصّر نقمة على العتاة ، في قوله تعالى : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ....) الإسراء ١٧ : ٥.
(٣) كتاب عزرا ، أصحاح ١ : ١ ـ ١١.
(٤) الأنعام ٦ : ١٢١.
(٥) الأنعام ٦ : ١١٢.