وفي الأصحاح ٤٥ : هكذا يقول الربّ لمسيحه (١) يعنى كورش : إنّي منحت لك القدرة والسطوة والملك. وسوف يخضع أمامك كلّ الملوك ، ويفتح لك الأبواب كلّها وسوف تصفى لك الأرض ويذاب لك النحاس والحديد ، وتستولي على خزائن الأرض وذخائرها ، ـ إلى قوله ـ أنا أنهضته بالنصر وكلّ طرقه اسهّل. وهو يبني مدينتي ويطلق سبيي ... (٢)
وفي الأصحاح ٤٦ جاء تشبيه كورش بالعقاب الكاسر ، (٣) يقول : أبعث من المشرق عقابا كاسرا ينقضّ على الأكاسرة ليحطّمهم ويفعل في الأرض ما اريد ، وسوف يتحقّق على يديه ما قضيت. (٤)
وكتاب إشعياء ـ ولعلّه عاش قبل ظهور كورش بأكثر من قرن ونصف (١٦٠ سنة) ـ لم يؤلّف في زمن واحد. وقد أكمله بعده أنبياء متأخّرون وبعضهم عاصر ظهور كورش وسقوط بابل. غير أنّ الجميع وصفوا كورش بالقدرة والسطوة الربّانيّة والذي جاء ليخلّص العباد من الظلم والجور عليهم. وهكذا فعل في خلاص بني اسرائيل وإعادة بناء البيت وقد ملك الأرض شرقا وغربا وبسط العدل فيها.
الأمر الذي يهمّنا ويرتبط بصلب البحث عن شخصيّة ذي القرنين في كتب السالفين.
وفي كتاب إرميا ، أصحاح ٥٠ : أخبروا في الشعوب وارفعوا راية الفخار ، وقولوا : أخذت بابل ، وخزي بيل ومردوخ وأوثانها وسحقت الأصنام. لأنّه قد طلعت عليها من الشمال أمّة تهدم كلّ هذه البنايات وتكسر سطوتها. (٥)
وفي هذا التعبير جاء تشبيه الامّة الفارسيّة ذلك اليوم بالشمس الطالعة والتي تبعث على العالم أشعّتها للدفء والحيويّة والنشاط.
__________________
(١) أي عبده الذي اصطفاه. وهكذا يقال لعيسى بن مريم المسيح ، لأنّه النبي المختار لإسعاد أمّته ، والمسيح : المبارك. حيث باركه الله وجعل في وجوده البركة واللطف لعباده المؤمنين. وبهذا المعنى اطلق «المسيح» على كورش.
(٢) سفر إشعياء ، أصحاح ٤٥ : ١ ـ ١٤ نقلا بتلخيص وتوضيح.
(٣) يقال للعقاب : كاسر ، لأنّه ينقضّ على ما يصيده فيكسره كسرا.
(٤) سفر إشعياء ، أصحاح ٤٦ : ١٠ ـ ١١.
(٥) كتاب إرميا ، أصحاح ٥٠. نقلا بتلخيص وتوضيح.