حديث سدوم!
كان أهل سدوم وهم قوم لوط ذوي أخلاق رديئة لا يتعفّفون من منكر يأتونه على رءوس الأشهاد ، كما قال تعالى على لسان لوط وهو يعظهم ويؤنّبهم : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ)(١) وقد شاعت عنهم المنكرات وارتكاب الفواحش والمظالم بحيث سارت بها الركبان وضرب بهم المثل في كلّ عمل قبيح.
جاء في بعض كتب الأدب العبري : أنّ سارة زوج إبراهيم أرسلت إلى لعازر كبير عبيد إبراهيم ليأتيها بسلامة لوط. فلمّا دخل مدينة سدوم لقيه رجل من أهلها فعمد إلى لعازر بحجر ضربه به في رأسه فأسال منه الدم ، ثمّ تعلّق به الرجل قائلا : إنّ هذا الدم لو بقي في بدنك لأضرّك ، فقد نفعتك بإخراجه ، فأعطني أجري! فترافعا إلى القاضي فحكم على لعازر بإدانته الأجر. فلمّا رأى لعازر ذلك من القاضي ، عمد إلى حجر فضرب به رأسه وأسأل دمه وقال له : الأجر الذي وجب لي عليك بإسالة دمك ، ادفعه إلى ضاربي جزاء لضربه إيّاي. وإلى ذلك يشير المعرّي :
وأيّ امرئ في الناس ألفى قاضيا |
|
ولم يمض أحكاما لحكم سدوم (٢) |
فلمّا أن طغى عصيانهم وجاوزوا الحدّ أخذهم العذاب ودمّروا تدميرا ، سنّة الله جرت في الخلق ، وقد أكّد عليه القرآن ، وليس عن صدفة كما زعمه أصحاب الفكر الإسلامي الحديث! قال تعالى : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ). (٣) ذكر ذلك تعالى بعد أنّ قصّ حديث قوم نوح وعاد وثمود. وقوم إبراهيم وقوم لوط ، وأصحاب مدين وفرعون وموسى (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ. ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ). (٤)
وتلك خرائب قرى لوط (بأرض فلسطين ـ على ضفاف البحر الميّت) لم تزل
__________________
ـ وتفاصيل لم يصحّ شيء منها بل وآثار الوضع والمبالغة فيها لائحة! والحديث رواه البخاري في كتاب الأنبياء من جامعه ، ج ٤ ، ص ١٨١ ، باب ما ورد في ثمود.
(١) العنكبوت ٢٩ : ٢٩.
(٢) راجع : قصص الأنبياء للنجّار ، ص ١١٢.
(٣) الحج ٢٢ : ٤٥.
(٤) الحج ٢٢ : ٤٤.