وقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ
عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ
الْقَوْلِ غُرُوراً. وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما
يَفْتَرُونَ).
وكذلك قوله : (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي
الْأَوَّلِينَ وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
ويتحدّث القرآن
أحيانا عن الرسل حديثا عامّا ، ليؤكّد هذه الوحدة بينهم في الوسائل والأساليب ،
كما جاء في سورة إبراهيم : (... جاءَتْهُمْ
رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ).
والسبب وراء
تأكيد القرآن لهذه الحقيقة هو : بيان صلابة تلك المواقف وأنّها جميعا حقّ غالب في
نهاية المطاف : (كَتَبَ اللهُ
لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي).
(وَإِنَّ جُنْدَنا
لَهُمُ الْغالِبُونَ).
٥ ـ ومن ثمّ
كان من أغراض القصة في القرآن الرئيسيّة هو بيان أنّ الله ينصر أنبياءه في النهاية
ويهلك المكذّبين ، وذلك تثبيتا لموقف محمّد صلىاللهعليهوآله وتأثيرا في نفوس المؤمنين : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ
أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ. وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ
وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ).
وتبعا لهذا
الغرض كانت ترد قصص الأنبياء مجتمعة ، مختومة بمصارع من كذّبوهم. ويتكرّر بهذا عرض
القصص كما جاء في سورة «العنكبوت» :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً
فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ. فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ
السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ).
(وَإِبْراهِيمَ إِذْ
قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ) إلى أن يقول : (فَما كانَ جَوابَ
قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ. فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ
النَّارِ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
(وَلُوطاً إِذْ قالَ
لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعالَمِينَ ...) إلى أن
__________________