٣ ـ (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ)(١)
ما ذا يعنى بذات الحبك؟
الحبك : جمع الحبيكة بمعنى الطريقة المتّخذة. قال الراغب : فمنهم من تصوّر منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرّات ، ومنهم من اعتبر ذلك بما فيه من الطرائق المعقولة المدركة بالبصيرة.
والحبك : المنعطفات على وجه الماء الصافي تحصل على أثر هبوب الرياح الخفيفة. وهي تكسّرات على وجه الماء كتجعّدات الشعر. ويقال للشعر المجعّد : حبك والواحد حباك وحبيكة. قاله الشيخ أبو جعفر الطوسي في التبيان.
من ذلك قول زهير يصف روضة :
مكلّل باصول النجم تنسجه |
|
ريح خريق لضاحي مائه حبك |
مراده بالنجم النبات الناعم. وشبّه تربية الرياح له بالنسج ، كأنّه إكليل (تاج مزيّن بالجواهر) نسجته الريح. ووصف الريح بالخريق ، وهو العاصف.
ثم وصف ضاحي مائه ـ وهو الصافي الزلال ـ بأنّ على وجهه قسمات وتعاريج على أثر مهبّ الرياح عليه ، وهو منظر بهيج.
فعلى احتمال إرادة التعرّجات المتأرجحة من الآية ، فهي إشارة إلى تلكم التمرّجات النورية التي تجلّل كبد السماء زينة لها وبهجة للناظرين ، فسبحان الصانع العظيم!
٤ ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)(٢)
في هذه الآية توجّه الخطاب إلى عامّة الناس ولا سيّما الامم السالفة الجاهلة حيث لا يعرفون من أطباق السماء شيئا ، فكيف يعرض عليهم دليلا على إتقان صنعه تعالى؟ (الآية في سورة نوح والخطاب عن لسانه موجّه إلى قومه).
__________________
(١) الذاريات ٥١ : ٧.
(٢) نوح ٧١ : ١٥.