قال : والحاصل
أنّ كلّا من وضعي الهيئة القديمة والجديدة يمكن من حيث انطباق الحركات المحسوسة
عليه. ولكنّه يمكن أن يتعدّاه التحقيق إلى وضع ثالث ورابع ، فلا يحسن الجزم بشيء
ما لم يشاهد بالتفصيل أو بصراحة الوحي. لكنّ الحكمة تقتضي أن لا يتولّى الوحي
بصراحته بالتفصيل.
وبعد ،
فالطريقة السليمة هي التي سلكها سيّدنا العلّامة الطباطبائي ، يقول :
إنّ المستفاد
من ظاهر الآيات الكريمة ـ وليست نصّا ـ أنّ السماء الدنيا هي عالم النجوم والكواكب
فوقنا. وأنّ السماوات السبع هي أجواء متطابقة أقربها منّا عالم النجوم. ولم يصف
لنا القرآن شيئا من الستّ الباقية سوى أنّها طباق. وليس المراد بها الأجرام
العلوية سواء من منظومتنا الشمسية أو غيرها.
وما ورد من كون
السماوات مأوى الملائكة يهبطون منها ويعرجون إليها ولها أبواب تفتّح لنزول البركات
كلّ ذلك يكشف عن أنّ لهذه الامور نوع تعلّق بها لا كتعلّقها بالجسمانيات. فإنّ
للملائكة عوالم ملكوتية مترتّبة سمّيت سماوات سبعا ونسب ما لها من الآثار إلى ظاهر
هذه السماوات بلحاظ ما لها من العلوّ والإحاطة والشمول ، وهو تسامح في التعبير
تقريبا إلى الأذهان الساذجة.
ولبعض العلماء
الباحثين في المسائل الروحية في إنجلترا ـ (هو : جيمس آرثر فندلاي من مواليد ١٨٨٣
م) ـ تصوير عن السماوات السبع يشبه تصويرنا بعض الشيء : يرى من كرة الأرض واقعة في
وسط أبهاء وأفضية تحيط بها من كلّ الجوانب ، في شكل كرات متخلّلة بعضها بعضا
ومتراكبة إلى سبعة أطباق ، كلّ طبقة ذات سطحين أعلى وأسفل ملؤ ما بينهما الحياة
النابضة. يسمّى المجموع العالم الأكبر الذي نعيش فيه ، نحن في الوسط على وجه الأرض.
وهذه الأجواء المتراكبة تحيط بنا طباقا بعضها فوق بعض إلى سبع طبقات ، وإن شئت
فعبّر بسبع سماوات ، لأنّها مبنيّة في جهة أعلى فوق رءوسنا. وإليك الصورة حسبما
رسمها في كتابه «الكون المنشور» :
__________________