وكذلك قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ). (١) أي آخذ في الصعود إلى سماء العزّ والشرف والسعادة. (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ). (٢) فما هذا الصعود وهذا الرفع إلّا ترفيعا في مدارج الكمال.
وهكذا جاء التعبير بفتح أبواب السماء كناية عن هطول المطر (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ). (٣) وأمثال هذا التعبير في القرآن كثير. (٤) والجميع مجاز وليس على الحقيقة سواء في المعنويّات أم الماديّات. فلو كان عيبا لعابه العرب أصحاب اللغة العرباء في الجزيرة ، لا أرباب اللغة العجماء من وراء البحار. وأمّا النجوم التي يرجم بها الشياطين (أبالسة الجنّ والإنس) فهم العلماء الربّانيّون المتلألئون في افق السماء ، يقومون في وجه أهل الزيغ والباطل فيرجمونهم بقذائف الحجج الدامغة ودلائل البيّنات الباهرة ، ويرمونهم من كلّ جانب دحورا.
فسماء المعرفة ملئت حرسا شديدا وشهبا.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين ...». (٥)
وقد اطلق النجوم على أئمة الهدى ومصابيح الدجى من آل بيت الرسول عليهمالسلام فقد روى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)(٦) قال : النجوم آل محمّد عليهمالسلام. (٧)
وفي حديث سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : معاشر الناس ، إنّي راحل عنكم عن قريب ومنطلق إلى المغيب. اوصيكم في عترتي خيرا وإيّاكم والبدع ، فإنّ كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة وأهلها في النار. معاشر الناس ، من افتقد الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسّك بالفرقدين ، ومن افتقد الفرقدين فليتمسّك بالنجوم الزاهرة بعدي. أقول قولي واستغفر الله لي ولكم.
__________________
(١) إبراهيم ١٤ : ٢٤.
(٢) فاطر ٣٥ : ١٠.
(٣) القمر ٥٤ : ١١.
(٤) الأنعام ٦ : ٤٤ ، الأعراف ٧ : ٩٦ ، الحجر ١٥ : ١٤ ، النبأ ٧٨ : ١٩.
(٥) بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ٩٣ ، رقم ٢٢ من كتاب العلم.
(٦) الأنعام ٦ : ٩٧.
(٧) تفسير القميّ ، ج ١ ، ص ٢١١.