الجواب : معنى ذلك : لو لا أنّا رحمناه بإجابة دعائه لنبذناه حين نبذناه بالعراء مذموما ... فالآية الثانية لا تنفي النبذ بل تنفي النبذ في حالة كونه مذموما. فلا تنافي بين الآيتين.
قال : وسألوا عن قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ). (١) في حين أنّ اسم أبيه في التوراة تارح. قال : والصحيح أنّ آزر ما كان أبا لإبراهيم.
وقد ذكرنا في موضعه أنّ آزر كان عمّا له ، ويقال : إنّه تزوّج بامّ إبراهيم بعد موت أبيه تارح ، فكان إبراهيم ربيبه وابن أخيه. واستعمال الأب في مثل هذا متعارف.
قال : وسألوا عن قوله : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً). ثمّ قال : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا). (٢) وهذا يدلّ على أنّ غيره لا يعلم بمدّة لبثهم ، في حين أنّه أعلمنا بذلك في الآية الاولى!
الجواب : أنّ هذا ردّ على اختلافهم في مدّة اللبث حيث لا علم لهم بذلك. ولذلك بيّنها وأعلمهم بها. وهذا يدلّ على حصر العلم بذلك على الله لا غيره. (وسوف نذكر أنّ الآية نقل لقولهم ، فهو مقول لهم وليس منه تعالى).
قال : وسألوا عن قوله تعالى : (يا أُخْتَ هارُونَ). (٣) ولم يكن لها أخ بهذا الاسم!
وقد استوفينا الكلام في ذلك ، وأنّه لم يرد الاخوّة في النسب ، بل الانتساب إلى قبيل هارون ، حيث كانت من أحفاده ، كما يقال : يا أخا كليب. وهو متعارف.
قال : وسألوا عن التكرار في سورتي الرحمن والمرسلات ، وكذا التكرار في بعض القصص التي جاءت في القرآن. قالوا : أليس التكرار يخلّ بفصاحة الكلام؟
لكن التكرير ، سواء أكان في المعنى ، نحو : أطعني ولا تعصني. أم في اللفظ والمعنى معا نحو : عجّل عجّل ، فإنّما هو للتأكيد والمبالغة. وقد يزيد تزيينا في الكلام وروعة بالغة. وإنّما ذمّ أهل البلاغة التكرار الواقع فضلا في الكلام ممّا لا فائدة فيه ، فهو من اللغو الذي يتحاشاه الكلام البليغ.
__________________
(١) الأنعام ٦ : ٧٤.
(٢) الكهف ١٨ : ٢٥ و ٢٦.
(٣) مريم ١٩ : ٢٨.