القرآن يشهد بأنّه موحى
وأمّا إن كنّا نستنطق القرآن فإنّه يشهد بكونه موحى إلى نبيّ الإسلام محمّد صلىاللهعليهوآله كما أوحى إلى النبيّين من قبله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً. رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً. لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً). (١)
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ). (٢)
والآيات بهذا الشأن كثيرة ، ناطقة صريحا بكون القرآن موحى إلى نبيّ الإسلام وحيا مباشريّا لينذر قومه ومن بلغ كافّة.
أمّا أنّه صلىاللهعليهوآله تلقّاه (التقطه) من كتب السالفين وتعلّمه من علماء بني إسرائيل فهذا شيء غريب يأباه نسج القرآن الحكيم.
القرآن في زبر الأوّلين
وأمّا ما تذرّع به صاحبنا الاسقف درّة فملامح الوهن عليه بادية بوضوح :
قوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى). (٣)
هذا إشارة إلى نصائح تقدّمت الآية (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى. بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا. وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى). وذلك تأكيد على أنّ ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآله لم يكن بدعا ممّا جاء به سائر الرسل (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ). (٤) فليس الذي جاء به نبيّ الإسلام جديدا لا سابقة له في رسالات الله ، الأمر الذي يستدعيه طبيعة وحي السماء
__________________
(١) النساء ٤ : ١٦٣ ـ ١٦٦.
(٢) الأنعام ٦ : ١٩.
(٣) الأعلى ٨٧ : ١٨ و ١٩.
(٤) الأحقاف ٤٦ : ٩.