وحدة المنشأ هو السبب للتوافق على المنهج
وبعد ، فإنّ ائتلاف الأديان السماوية واتّحاد كلمتها لا بدّ أن يكون عن سبب معقول ، وهذا يحتمل أحد وجوه ثلاثة :
١ ـ إمّا لوحدة المنشأ ، حيث الجميع منبعث من أصل واحد ، فكان التشابه في الفروع المتصاعدة طبيعيّا.
٢ ـ أو لأنّ البعض متّخذ من البعض فكان التشاكل نتيجة ذاك التبادل يدا بيد.
٣ ـ أو جاء التماثل عن مصادفة اتفاقيّة وليس عن علّة حكيمة.
ولا شكّ أنّ الأخير مرفوض بعد مضادّة الصدفة مع الحكمة الساطية في عالم التدبير.
بقي الوجهان الأوّلان ، فلنتساءل القوم : ما بالهم تغافلوا عن الوجه الأوّل الرصين وتواكبوا جميعا على الوجه الهجين؟! إنّ هذا لشيء مريب!
هذا ، والشواهد متظافرة تدعم الشقّة الاولى لتهدم الاخرى من أساس :
أوّلا : صراحة القرآن نفسه بأنّه موحى إلى نبيّ الإسلام وحيا مباشريّا نزل عليه ليكون للعالمين نذيرا ، فكيف الاستشهاد بالقرآن لإثبات خلافه!؟ إن هذا إلّا تناقض في الفهم واجتهاد في مقابلة النصّ الصريح!
ثانيا : معارف فخيمة قدّمها القرآن إلى البشرية ، بحثا وراء فلسفة الوجود ومعرفة الإنسان ذاته ، لم يكد يدانيها أيّة فكرة عن الحياة كانت البشرية قد وصل إليها لحدّ ذاك العهد ، فكيف بالهزائل الممسوخة التي شحنت بها كتب العهدين؟!
ثالثا : تعاليم راقية عرضها القرآن لا تتجانس مع ضئالة الأساطير المسطّرة في كتب العهدين ، وهل يكون ذاك الرفيع مستقى من هذا الوضيع؟!
إلى غيرها من دلائل سوف يوافيك تفصيلها.