(إِنَّ هذا لَفِي
الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى).
(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ
بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى. أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرى).
(وَإِنَّهُ لَفِي
زُبُرِ الْأَوَّلِينَ. أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ
بَنِي إِسْرائِيلَ).
قال : فآية
محمّد الأولى هي مطابقة قرآنه للكتب السابقة عليه. وآيته الثانية استشهاده بعلماء
بني إسرائيل وشهادتهم له بصحّة هذه المطابقة. ولكن ما الصلة بين القرآن وكونه في
زبر الأوّلين؟! هذا هو سرّ محمّد! فيكون من ثمّ أنّه نزل في زبر الأوّلين بلغة
أعجميّة يجهلونها ، ثمّ وصل إلى محمّد بواسطة علماء بني إسرائيل ، فأنذر به محمّد
بلسان عربيّ مبين.
فأصل القرآن
منزل في زبر الأوّلين ، وهذا يوحي بصلة القرآن بمصدره الكتابي زبر الأوّلين ، أي
صحفهم وكتبهم.
وأيضا فإنّ
شهادة علماء أهل الكتاب بصحّة ما في القرآن لم تكن إلّا لأنّهم كانوا شركاء هذا
الوحي المولود. ذلك لأنّ الوحي التنزيلي أمر شخصي لا يعرفه غير صاحبه فحسب.
والآية (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً
وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا) فيها صراحة بأنّه تتلمذ لدى كتاب موسى وجعله في قالب
لسان العرب ، الأمر الذي يجعل من القرآن نسخة عربيّة مترجمة عن الكتاب الإمام.
(كِتابٌ فُصِّلَتْ
آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا). التفصيل هنا يعنى النقل من الأصل الأعجمي إلى العربي. فالقرآن
موحى ، والتفصيل العربي للكتاب منزّل ، لأنّ الأصل وحي منزّل ...
وعلى هذا
الغرار جرى كلّ من «تسدال» و «ماسيه» و «أندريه» و «لامنز» و «جولد تسيهر» و «نولديكه»
إلى أنّ القرآن استفاد كثيرا من زبر الأوّلين ، وحجّتهم في ذلك
__________________