ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين ، وإن نجوا تكن (١) عنقا قطعها الله أو ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ، فقال أبو بكر : يا رسول الله إنما خرجت (٢) عامدا لهذا البيت لا تريد قتال أحد ولا حربا ، فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه ، قال : امضوا على اسم الله ، فنفروا (٣) قال النبي صلىاللهعليهوسلم : إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة ، فخذوا ذات اليمين فو الله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش ، وسار النبي صلىاللهعليهوسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته ، فقال الناس : حلّ حلّ ، فألحت ، فقالوا : خلأت (٤) القصواء خلأت القصواء فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل ، ثم قال : والذي نفسي بيده لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يعظمون فيها حرمات الله وفيها صلة الرحم إلّا أعطيتهم إياها ، ثم زجرها فوثبت ، قال : فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء ، يتربضه الناس تربّضا (٥) ، فلم يلبث الناس أن نزحوه ، وشكى الناس إلى النبي صلىاللهعليهوسلم العطش ، فانتزع سهما من كنانته وأعطاه رجلا من أصحابه يقال له ناجية بن عمير وهو سائق بدن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنزل في البئر فغرزه في جوفه ، فو الله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه ، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة ، وكانوا عيبة نصح رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أهل تهامة ، فقال : إني تركت كعب بن لؤي نزلوا على أعداد مياه الحديبية معهم العود المطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : إنا لم نجيء لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين ، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم ، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلّوا بيني وبين الناس ، فإن أظهره ، فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلّا فقد جمّوا وإن هم أبو فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ، أو لينفذن الله أمره ، فقال بديل : سأبلغهم ما تقول ، فانطلق حتى أتى قريشا ، قال : إنا جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يقول قولا فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا ، قال فقال سفهاؤهم (٦) : لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء ، وقال ذووا الرأي منهم : هات ما سمعته يقول ، قال : سمعته يقول كذا وكذا ، فحدّثهم بما قال النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال : أي قوم ألست بالوالد؟ قالوا : بلى قال : أولستم بالولد؟ قالوا : بلى ، قال : فهل تتهموني [بشيء من أمر محمد](٧)؟ قالوا : لا ، قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ ، فلما بلّحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا : بلى ، قال : فإن هذا [الرجل](٨) قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته ، قالوا : ائته ، فأتاه فجعل يكلم النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم نحوا من قوله لبديل ، فقال عروة : عند ذلك يا محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإن تكن الأخرى ، فإني والله لا أرى وجوها وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك ، فقال أبو بكر الصديق : امصص بظر اللات ، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال : من ذا؟ قالوا : أبو بكر ، فقال : أما والذي نفسي بيده لو لا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك ، قال وجعل يكلم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكلما (٩) كلما أخذ بلحيته ، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلىاللهعليهوسلم ومعه السيف وعليه المغفر ،
__________________
(١) في المطبوع «نجوتكن» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المخطوط (ب) «جئت».
(٣) في المطبوع والمخطوط (أ) «فنفذوا» والمثبت عن «ط» والمخطوط (ب)
(٤) في المخطوط (ب) «كلأت».
(٥) في المطبوع «تربصا» والمثبت عن «صحيح البخاري» والمخطوط (ب)
(٦) في المطبوع «سفاؤهم» والمثبت عن «صحيح البخاري» والمخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط (ب)
(٨) زيادة عن المخطوط (ب)
(٩) تصحّف في المخطوط (ب) إلى «فلما».