إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عمرو بن محمد الناقد ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنهم : أن ثمانين رجلا من أهل مكة ، هبطوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرّة (١) النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، فأخذوا سلما (٢) فاستحياهم ، وأنزل الله عزوجل هذه الآية : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ).
[١٩٦٩] وقال عبد الله بن مغفل المزني : كنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم بالحديبية في أصل (٣) الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن ، على ظهره غصن من أغصان تلك الشجرة فرفعته عن ظهره ، وعلي بن أبي طالب بين يديه يكتب كتاب الصلح ، فخرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم نبي الله صلىاللهعليهوسلم فأخذ الله بأبصارهم فقمنا إليهم فأخذناهم ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : جئتم في عهد أو جعل لكم أحد أمانا؟ فقالوا : اللهم لا ، فخلى سبيلهم ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية.
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥))
قوله عزوجل : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) الآية.
[١٩٧٠] روى الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المدينة زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه ، يريدون زيارة البيت ، لا يريدون قتالا ، وساق معه سبعين بدنة ، والناس سبعمائة رجل ، وكانت كل بدنة عن عشرة نفر ، فلما أتى ذا الحليفة قلّد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة ، وبعث عينا له من خزاعة يخبره عن قريش ، وسار النبي صلىاللهعليهوسلم حتى كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان ، أتاه عتبة الخزاعي وقال : إن قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أشيروا عليّ أيها الناس ، أترون أن أميل على
__________________
[١٩٦٩] ـ صحيح. أخرجه النسائي في «التفسير» ٥٣١ وأحمد ٤ / ٨٦ ـ ٨٧ والحاكم ٢ / ٤٦٠ ـ ٤٦١ والطبري ٣١٥٥٤ والواحدي في «الوسيط» ٤ / ١٤٢ والبيهقي ٦ / ٣١٩ من طرق عن الحسين بن واقد عن ثابت عن عبد الله بن المغفل به.
ـ وصححه الحاكم على شرطهما ، ووافقه الذهبي ، وقال الهيثمي في «المجمع» ٦ / ١٤٥ : رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح ، وهو كما قالوا.
ـ وقال ابن حجر في «فتح الباري» ٥ / ٣٥١ : أخرجه أحمد والنسائي من حديث عبد الله بن مغفل بسند صحيح.
[١٩٧٠] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٢٧٣١ و ٢٧٣٢ و ٤١٧٨ و ٤١٧٩ وأبو داود ٢٧٦٥ مختصرا وأحمد ٤ / ٣٢٨ والطبري ٣١٥٦٦ وابن حبان ٤٨٧٢ والبيهقي في «دلائل النبوة» ٤ / ٩٩ ـ ١٠٨ من طريق معمر عن الزهري به.
وسيأتي.
(١) في المطبوع «عدر» وفي المخطوط (ب) «غزو» والمثبت عن المخطوط (أ) و «صحيح مسلم».
و «الفرّة» : الغفلة : أي يريدون أن يصادفوا منه ومن أصحابه غفلة عن التأهب لهم ليتمكنوا من غدرهم والفتك بهم.
(٢) في المطبوع «سبايا» والمثبت عن المخطوط (أ) و «صحيح مسلم».
ـ سلما والسلم : الأسد والمراد به الاستسلام والإذعان.
(٣) في المخطوط (أ) «ظل» والمثبت عن «تفسير النسائي» والمخطوط (ب)