فصرف إليه نفرا من الجن من أهل نينوى ، وجمعهم له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة ، فأيّكم يتبعني؟ فأطرقوا ثم استتبعهم فأطرقوا ، ثم استتبعهم الثالثة فأطرقوا ، فاتّبعه عبد الله بن مسعود ، قال عبد الله : ولم يحضر معه أحد غيري ، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى (١) مكة دخل نبي الله صلىاللهعليهوسلم شعبا يقال له : شعب الحجون (٢) ، وخطّ لي خطا ثم أمرني أن أجلس فيه ، وقال : لا تخرج منه حتى أعود إليك ، ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن فجعلت أرى أمثال النسور تهوي ، وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على نبي الله صلىاللهعليهوسلم ، وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه ، حتى ما أسمع صوته ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين ، ففرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع الفجر ، فانطلق إليّ وقال لي : أنمت؟ فقلت : لا والله يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك تقول اجلسوا ، قال : لو خرجت [والله](٣) لم آمن عليك أن يتخطفك بعضهم ، ثم قال : هل رأيت شيئا؟ قلت : نعم يا رسول الله رأيت رجالا سودا مستثفري (٤) ثياب بيض ، قال : أولئك جن نصيبين سألوني المتاع ، والمتاع الزاد ، فمتعتهم بكل عظم حائل (٥) وروثة وبعرة. قال فقالوا : يا رسول الله تقدرها الناس [علينا](٦) ، فنهى النبي صلىاللهعليهوسلم أن يستنجي بالعظم والروث ، قال فقلت : يا رسول الله وما يغني ذلك عنهم؟ قال : إنهم لا يجدون عظما إلّا وجدوا عليه لحمه يوم أكله ، ولا روثة إلّا وجدوا فيها حبها يوم أكلت ، قال فقلت : يا رسول الله سمعت لغطا شديدا؟ فقال : إن الجن تدارأت في قتيل قتل بينهم فتحاكموا إليّ فقضيت بينهم بالحق ، قال : ثم تبرز رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم أتاني ، فقال : هل معك ماء؟ قلت : يا رسول الله معي إداوة فيها شيء من نبيذ التمر ، فاستدعاه فصببت على يده فتوضأ وقال : «تمرة طيبة وماء طهور».
[١٩٢٩] وقال قتادة : ذكر لنا أن ابن مسعود لما قدم الكوفة رأى شيوخا شمطا من الزط فأفزعوه حين رآهم ، فقال : أظهروا ، فقيل له : إن هؤلاء قوم من الزط ، فقال : ما أشبههم بالنفر الذي صرفوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يريد الجن.
[١٩٣٠] أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنا عبد الغفار بن محمد ثنا محمد بن عيسى الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الأعلى ثنا داود وهو ابن أبي هند
__________________
ـ الخزاعي عن ابن مسعود فهذه الروايات تتأيد بمجموعها من جهة الإسناد ، لكن هي معارضة بحديث صحيح موصول يأتي بعد حديث واحد.
[١٩٢٩] ـ ضعيف. وأخرجه الطبري ٢١٣١٦ من طريق معمر عن قتادة مرسلا.
[١٩٣٠] ـ إسناده صحيح. رجاله رجال البخاري ومسلم سوى داود ، تفرد عنه مسلم.
ـ عبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى البصري السّامي ، عامر هو ابن شراحيل الشعبي.
ـ وهو في «صحيح مسلم» ٤٥٠ عن محمد بن المثنى بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو داود ٨٥ مختصرا والترمذي ١٨ و ٤٢٥٨ وابن أبي شيبة ١ / ١٥٥ وابن خزيمة ٨٢ وأبو عوانة ١ / ٢١٩ وابن حبان ١٤٣٢ والبيهقي ١ / ١٠٨ ـ ١٠٩ في «دلائل النبوة» ٢ / ٢٢٩ والبغوي في «شرح السنة» ١٧٨ مختصرا من طرق عن داود بن أبي هند به.
(١) في المطبوع «على» والمثبت عن المخطوط.
(٢) تصحف في المخطوط (ب) إلى «الجحون».
(٣) زيادة عن المخطوط (ب)
(٤) في المخطوط (ب) «مستترين بثياب».
(٥) في المطبوع «حائك».
(٦) زيادة عن المخطوط.