فادعاء نبوة
بعضهم خرق الإجماع ؛ بل ردّ للنص ، وكفر بالتنزيل ، عصمنا الله وإياكم من سوء
الفهم ، وقلة العقل ، والكشف السفلي.
ثم إن معنى
اتصال الولاية : ظهور نور الحقيقة في مرآة علي رضي الله عنه أكثر من ظهوره في غيره
، إذ لا يخفى أن كل واحد من الأولياء ؛ بل من الكائنات محتمل نوره صلىاللهعليهوسلم ؛ «لكن أين السهى من الزبرقان ؛ وهو من يوح ».
وفيه إشارة بأن
كل من هو أقوى اتصالا به صلىاللهعليهوسلم في ولايته ؛ كان أشد تأييدا لدينه ؛ لكمال الراجح ،
ودعائه البالغ ، وندائه القاصي ، وظهر من هذا التقرير أن قوله صلىاللهعليهوسلم : «فاطمة
بضعة مني» ؛ إنما أراد به كونها قطعة من بشريته وجسمانيته ، وإن
كان مشعرا بفضلها في الجملة إذ لا كلام في كمالها في نفسها على ما دلّ عليه بعض الأحاديث
الصحيحة.
وأمّا
الحديث الثاني : فمعناه أنا أبو هذه الأمة كما دلّ عليه قوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] ، فإذا انتقلت أنا من هذا الموطن ؛ فأنت أبو هذه الأمة بطريق
الخلافة ، والإرث الحقيقي ، إذ لا يجتمع صديقان وقطبان في زمان واحد ؛ لأن الله
تعالى فرد في اسمه الأعظم.
وأشار بتخصيص
أبوة علي بالذكر مع أنه الخلفاء الحقيقيين المتسلسلة كلهم آباء الأمة ، كما أن
أزواجهم أمهاتهم إلى أن أبويته أبوة كاملة ؛ ولذا لم يكن طريق من الطرق الحقة إلا
وقد كانت مغربة ومنتهية إليه ، فهو رضي الله عنه مصدر جميع الأسرار ، ومنحة جملة
الأطوار ، ومطلع عموم الأنوار ، وأول طالع يدا بالإشراق من مطلع الولاية ، وأول
لامع أخذ بالإضاءة من شرق الهداية ، وكان له نهاية إضافية هو الختم المكتوم ،
ونهاية حقيقية الختم المعلوم ، والكل نور على نور ، وسرّ مقسوم.
أمّا
الحديث الثالث : فمعناه : إن فاطمة رضي الله عنها ، وإن كانت أحب إليه صلىاللهعليهوسلم من علي كرم الله وجهه ؛ لكن حبه لها لا يستلزم عزّتها
في نفسها ؛ لأن ذلك يرجع في الحقيقة إلى البشرية والطين ، وإن كان لها كمال ظاهر
في الدين ، وأمّا علي
__________________