وصدق واقع بخلاف التردد ؛ فإنه مذبذب وليس ذلك إلا بمقتضى استعداده ، ثم أخبر عن نفسه فقال : إني كنت ابن سبع عشرة حين دخولي في الطريق ، ومنذ قد دخلت انحل العقد الأول بالتقوى لأمر الله تعالى ، وأن الله إذا أراد بعيده خيرا وجذبه إلى جانبه زاد في تجرده وانقطاعه إلى آخر العمر ، قال : لا نفع له من إقرار واحد كما لا ضر من إنكاره.
وقال : المريد لا يعرف حال شيخه ولا يعتقده حق الاعتقاد ما دام لم يصل إلى مرتبته إلا أن يعرفه الله قبله ، وهذا الشأن لا يكون من خارج بل من داخل فلا بد للعبد من الافتقار ورد التردد والإنكار من العلم والعرفان والشهود والعيان والتذكير والبيان وكثرة الصوفية والإخوان قيد لأهل الحق ولا بد من التجرد من القيود ، قال : من وصل إلى الله فهو قائم بالحق ، دائر بأمره مستمر ، فلو أدخل الله كل الخلائق الجنة دونه لم يتألم منه أصلا ؛ لأن الأنس بالله لا يتفاوت بالدخول والخروج والمقصود هو الأنس.
قال حضرة الشيخ : الابتلاء لا يزول إلى آخر العمر ، وإني إلى الآن مرة ابتليت بالبسط ومرة بالقبض والانقباض ؛ لأن الكل قضاء الله تعالى ، قال في حق موسى عليهالسلام : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) [طه : ٤٠].
قال أحد العلماء : أي : وطحناك طحنا ، قال : إن يونس عليهالسلام كان له إذن في أمر الخروج بحسب الحقيقة لكنه لما لم يكن مقارنا بالإذن الصوري ابتلاه الله بالحوت فالاحتياط لازم.
قال : إن بعض المريدين بل الخلفاء لو أظهرت لهم ما أنعم الله به عليّ من الأسرار والحقائق لفروا مني كما يفرون من الأصنام لعدم ثباتهم في أمر الاعتقاد ، ولا بد من الفرار إلى الله تعالى من كل قيد وعلاقة وترك الحق خلفه كما قال تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) [المدثر : ١١] فإن الحضور في ذلك.
قال حضرة الشيخ : إن بعضهم يتسارع انكشافه وبعضهم يحصل له على