قال : ما أدري ما يتعلق بالكون إلا أن يشاء الله ، وأنا في ذلك كسائر الناس.
قال حضرة الشيخ : المريد والمرشد لا يتفقان في المشرب غالبا ، وإن كان بينهما نوع مشابهة كما أن الابن لا يكون عين الأب من جهة الصورة ، وإن كان بينهما نوع مماثلة فكل شخص لا يعطى إلا بقدر حاله واستعداده الأزلي والمرشد واسطة في البين وله التربية والعقول.
قال حضرة الشيخ : فرق بين الحضور والاستحضار ، فالحضور لأهل النهاية والاستحضار لأهل البداية ؛ فإنه لا نسيان للفرقة الأولى أصلا فلهم الجمعية الكبرى ، وأما الثانية فإذا طرأ عليهم النسيان يستحضرون ، وعلامة الحضور مطلقا الانجذاب من طرف الخلق والكون إلى طرف الحق والإله ومصداقه بالعبودية الكاملة فمن لا تعبد له فهو نسيان كامل لا حضور معه أصلا فله سوء الخاتمة وهو فكر الغير ، وخروج الروح معه ، ومن له تعبد ناقص فهو في حضور ناقص وأهله على خطر أيضا ، ومن له تعبد كامل بلا تكلف فله حضور تام ، وكيف لا يكون له الحضور الباطني يعطى ذلك التعبد بالأعمال والأخلاق في الظاهر ثم وصى بالعبودية إلى أن يخرج الروح من الحلقوم.
وأمرني حضرة الشيخ بالإمامة في صلاة الرغائب ليلة الجمعة الأولى من رجب لسنة إحدى ومائة وألف ، فلما صلينا المغرب ، قال مخاطبا للحضّار من الخلفاء أو غيرهم : ما تقولون في حق القرآن؟ فقلت : تخفيفا لبعض الضعفاء ، فقرأ في الأولى الفاتحة وسورة القدر ، والثانية بسورة الإخلاص مرة ، وهكذا إلى أن تم اثنتا عشرة ركعة.
وقال بعض الخلفاء مخاطبا لحضرة الشيخ : رأيته يعلمكم سورة القدر ثلاث مرات ، وسورة الإخلاص اثنتي عشرة مرة ، وذلك في كل ركعة منها.
فقال حضرة الشيخ : هذا على وجوه لكن المختار الأولى والأقوى الذي هو العزيمة والتقوى فأمر بما كتبه ؛ فقال بعضهم : هل يلزم المنذر؟ قال : لا ، بل هو لإسكات العوام لكن لا بأس بالنذر فصلوا بأي وجه شئتم ، فصليت على هذا الوجه إماما لمن تبعني ممن حضر في دار حضرة الشيخ من الخلفاء وغيرهم ، فلما تمّ الصلاة والدعاء ، قال حضرة الشيخ : تقبل الله ووصّى أيضا لوكيله في جامعه قبل أن يصلي هذا الصلاة هناك.