الاحتضار ويمنيه نعوذ بالله من ذلك إلا أن يكون قد قطع عرق كل هوى وشهوة فلم يبق له تمن أصلا.
قال حضرة الشيخ : جاءني بائع من مدينة إزمير يحكي أنه وقع فيها في هذه السنة زلزلة عظيمة وإحراق كثير ، وانهدام الأبنية بحيث بقى الخمس منها تحتها عشرون ألفا من الرجال والنساء ، قال : هذا من آثار قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً) [الإسراء : ٥٨] ، والقهر الإلهي لا بد منه إذا قدر مضيه ونفاذه ، وأهل التسليم لا يرون إلا القضاء والقدر.
وقال حضرة الشيخ : أحب لجميع الناس ما أحب لنفسي حتى أني أرضى لنفسي ولم ينبغي من الأهل والعيال الجوع والفقر ، ولا أرضى لسائر الناس ، فقد امتلأ بهذا المعنى صدري ، ولا أقول إلا حقّا.
قال حضرة الشيخ : ففوض أمرك يا بنيّ إلى الله تعالى لكن على حقيقة الإسلام والإيمان لا على مجرد العلم والعرفان ؛ فإن الشيطان قادر على أن يفسر القرآن سبعين مرة مع أنه لا يغني عنه ذلك شيء ثم تلا قوله سبحانه وتعالى :
(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران : ١٩] عين حضرة الشيخ خليفة هو عثمان الجانيقي للقصبة التي يقال لها ـ بكى شهر ـ في نواحي بروسة ، وقال لي بطريق المزاح : اذهب به إلى بروسة ، وطهره تطهيرا ، وقد فوضت أمره إليك فاكسر أنف نفسه بالتربية.
قال حضرة الشيخ لبعض خدامه من الصوفية : قد يجيء إلى هنا بطريق الزيارة ، بعض الناس المتعممين بالسواد ، فلا تردوهم على أعقابهم خائبين ، وكانوا كالبحر في التحمل ولا يضرنا مجيئهم.
أقول : وجه هذا أن بعض المتعممين بالأسود ممن له شهرة كاذبة كان يجيء حضرة الشيخ أحيانا فدفعه بعض الصوفية مرة أو مرتين فشكا هو إلى الشيخ من معاملة الخدام فقال ذلك.
قال حضرة الشيخ : حادث كل شخص مبني على قديم فلا انقباض أصلا ، قال : الكامل من الإنسان يحيط بجميع المراتب فتارة يدخل في الظلمات وتارة يخرج إلى النور مع أنه لا يتقيد بشيء من ذلك أصلا.
مثلا : ينزل إلى مرتبة الطبيعة والنفس ، وهي ظلمة ويترقى إلى مرتبة القلب