خاتمة الكتاب
حرّره الفقير المذنب العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة ربه ، الغفور الحاج حافظ محمد منيب من تلاميذ الشيخ علي المصري ـ غفر لهما ذنوبهما ولجميع المؤمنين والمؤمنات ـ سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف من الهجرة من له العزّ والسعادة والشرف (١).
__________________
ـ كانت نفسه معه فقير مأمون في السرور.
وأمّا ما ذكرت من حقائق الخصال التي ذكرت من الإيمان والتوحيد والاستغفار والحمد وما أشبه ذلك ، فإنما يعرف حقائق هذه الأشياء أهلها ، فإذا وصلوا إليها شهدت العقول لهم بتلك الحقائق ، وعلامة حسن الاستماع أن يفرغ فؤاده لقول القائل ، وأن الله ـ تبارك وتعالي اسمه ـ صنع للموحّدين صنعا جميلا أن قيّد نفوسهم بحسن تخوّف العقوبة وخوف العاقبة ، فالمدبّر والمطيع لن يخلو من ذنب واحد قد اقترفاه ، فاستوجبا بذلك الذنب الواحد عقوبة ، فطوي عنه خبر العقوبة في هذه الدار.
هذا قيّدوا بهم عليهم العاقبة ، حتى إذا أرادت النفس أن تنفسح في الأمل والرجاء للموحّدين قيّدها باتهام العاقبة ، فالخوف أصلح للنفس ، فإذا جمع الله لعبد الخوف والآخرين ؛ فقد صانه وربط الأسد الذي في جوفه ، فالصادقون في هذا المحل منه ، والصدّيقون كذلك خوفهم أشد وأحزانهم أدوم ، ثم إن لله خاصة من عبيده أعلى من الصدّيقين ، وهم أقل في أرضه من عدد الأصابع ، قد احتشمت قلوبهم منه وبه ، فهم أسارى في قبضته ، ولو لا ذلك لهاموا ، فهو يعللهم في قبضته بقصر الأمل.
وهو قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني لأرفع ، فما أظن أن شفري يلتقيان حتى أقبض».
فهذا إنما يقصر أمله في القبضة ، ولا يقدر علي هذا إلا هذه الطبقة ، فهم أهل السرور بالله ، وأهل تربية القبضة ، يغدوهم بلطفه.
وهو قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله عبادا تحسبهم في عافية ، وتمسيهم في عافية ، وتغدوهم رحمته ، نصرهم عن الأسقام والأمراض ، وينأى بهم عن الذبح ، كما ينأى أحدكم بكريمة إبله عن الذبح ، يقبضهم علي فراشه ، ويقسم لهم أجور الشهداء».
(١) قلت : تم بحمد الله وتوفيقه هذا العمل المبارك في الخامس عشر من شهر جمادى الأول من سنة ١٤٢٧ ه ، بدارنا الحقيقة المحمدية لتحقيق تراث السادات الصوفية ، وكتبه : أحمد فريد المزيدي الأكبري المصطفوي ، القاهري (٠١٠١٤٦٣٠٢٧).