مظاهره بحسب المراتب ، فالوزير اسم من أسماء السلطان ، ولا يلزم منه أن يكون السلطان متعددا ، فإن الوزارة مرتبة من مراتب السلطنة ، وكذا الفتوى والقضاء.
فإن الاسم العليم الذي اتصف به المفتي ، والقاضي الذي اتصف به الحاكم ، كل واحد منهما من أسماء السلطان في الحقيقة ، وإنما ظهر حكمهما في ملخصين مختلفين ؛ إظهارا للمراتب التي يقتضيها مرتبة السلطنة الجامعة ، فكثرة الوجودات لا تغرنك ، فإن تحتها وحدة إمّا إضافية ، وإمّا حقيقية ، وأردنا بالوحدة الإضافية التي تقتضيها كل كثرة ، وبالحقيقة الوحدة التي تجمع الوحدات كلها ، فالوزير مثلا واحد بالنسبة إلى سائر المراتب ، لكن مرتبة السلطنة التي وحدتها وحدة حقيقية ، تجمع وحدته ووحدة غيره ، ونظيره أيضا النواة ، فإنها نواة واحدة حقيقية ، وبدن الشجرة واحد إضافية ، وكذا الأغصان كلها ، وقد آل هذا التكثر إلى وجود الوحدة التي هي النواة في كل ثمرة.
فظهر أن كل ثمرة مثمرة تحوي نواة نواة على حدة ، ووحدة النواة الأولى هي وحدة كل نواة متفرعة على ذلك ، فمن رأى بالنظر الظاهري ما رأى في ظاهر الشجرة إلا الكثرة ، ومن نظر بالنظر الباطني ما رأى في باطن الشجرة إلا الوحدة ، فإذا الوجود وجود واحد ظاهر في صورة الكثرة ، كما إذا قام إنسان في بيت من زجاج ، فإنه يرى من كل جانب ، مع أنه لا يقدح في وحدته ، وعلى هذا سرّ التمثّلات الواقعة من الروحانيين ، فتلك التمثلات بمنزلة الظل لذي الظل ، فالظل مع أنه يرى اثنين ، وليس الظل معه إلا في صورة الخيال.
وإنما قلنا في صورة الخيال ؛ لأن الكون خيال ، وهو حقّ في الحقيقة ، يعني في مرتبته ؛ لأنه من التجليات ، ولا باطل في التجليات إلا الباطل الإضافي ؛ إذ الباطل الحقيقي هو عدم الحض.
ومن هنا قال الحلّاج : أنا الحق ؛ لأنه رأى الحق في صورة الخلق ، وذلك الظل في صورة الظل ، فسجد ، ومن آثار سجدته أنه أثبت إلها واحدا ، هو إلهية الظاهر ، فهو : أي المتصور خارج من البين ، وإنما الظاهر صورة العين ، كشف الله عن بصائرنا وبصائركم الغبن ، وحفظنا وإيّاكم عن الرّين.