ـ الباب الثامن : باب حفظ الرجلين لأنهما تابعان لليدين ، وبهما يكون السعي من محل إلى محل كالسعي من البيت إلى المسجد وإلى مجلس العلم ونحو ذلك.
وقد قال تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩].
وقال تعالى : (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) [المائدة : ٦٦] فإنهم إشارتان إلى الفيض بواسطة وبغير واسطة.
* * *
وارد في الوصل
المراد بالوصل ؛ ضد الفراق وهو الأصل ، فإن الفراق إنما هو بأمر عارض ، كالبعد الحاصل من السفر من بلد إلى بلد ، ومن عالم إلى عالم ، ومن اسم إلى اسم ، وذلك كالوصل في القرآن ، فإنه لو لا العارض الذي هو انقطاع النفس ، كان الأصل في التلاوة ؛ هو الوصل.
وإنما قلنا : من عالم إلى عالم ؛ لأن عالم الأزل ليس فيه وصل ولا فصل ، فلمّا فارق الأعيان من العلم إلى العين ، وذلك بصورها وظلالها لا بحقائقها وماهياتها ، جاء أن يقال : عالم العلم وعالم العين.
ولا شك أنه فرق بين عالم وعالم ، وإن كان بصورهما ، فإن الجوهر واحد في الأصل ، وكذا فرق بين عين وعين ، كعالم الأرواح ، وعالم المثال ، وعالم الأجسام ، فإن تعيّن الأرواح غير تعيّن المثال ، وكذا تعيّن المثال غير تعيّن الأجسام ، وكذا تعيّن كل جسم وجسم سواء كان من نوع واحد ، أو من أنواع مختلفة.
ولو لا اختلاف التعينات ، لم يظهر حقائق الأشياء.
ولو لا حقائق الأشياء ، لم يظهر هويّات الأسماء.
ولو لا هويّات الأسماء ؛ كان المسمّى مجرّدا عن النعوت والإضافات.
وظاهر العالم لا يقتضيه ، فإنه وحدة صرفة ؛ بل يقتضي الكثرة ، وإن كانت الكثرات مغلوبة في الوحدات ، والوحدات مستغرقة في وحدة واحدة ؛ هي وحدة