والاعتقاد اللذين هما أول الأمر في باب الدين ، فإذا تحقق القلب بالدين فقد فتح باب الجنة الأول ودخله مع الداخلين ، ومآله ربض الجنة ، لأن علو الصورة إنما هو بكثرة الأعمال وهي مفقودة الآن.
ـ الباب الثاني : باب السمع : لأن القلب إذا تهيأ للإيمان والاعتقاد انتفع بسماع أهل الوحي والتبليغ ، ولم يكن ممن ذمهم الله تعالى بأن لهم آذانا يسمعون بها ، فإنهم صم في الحقيقة.
ـ الباب الثالث : باب البصر : لأن البصر من أسباب الرؤية والشهود ، وهي محاضرة القلب ، ولا يتحقق ذلك إلا بعد سماع الإذن والخطاب الغيبي ، لأنه طريق المعاينة ، وقد لزم الله من لا يبصر بعد النظر كما قال الله تعالى : (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) [الأعراف : ١٩٨].
ـ الباب الرابع : باب حفظ اللسان ، لأن اللسان محل الكلام ، وهو آخر الصفات السبع ، التي هي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام (١) ، كما النشأة الإنسانية هي آخر المراتب والأطوار الكونية ؛
__________________
(١) قال سيدي على وفا : تعين الوجود الذاتي المطلق بالوجود الإلهي ، فأوجب العلم والحياة ، وتعين الله بالوجود الرحماني ذي الصفات الثبوتية التي هي وجود العلم والحياة فأوجد العقول والأرواح ، وتعين الرحمن بالوجود الرحيمي ذي الصفات الفعلية التي هي مبدئيات الصفات الثبوتية لمتعلقاتها العينية فعلا وإدراكا فأحدث النفوس والطبائع ، وتعين الكل بالوجود الحق المبين المتكلم الناطق فرتب وولد كيانا وبيانا ، (فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) [غافر : ٦٤] ، وتعين الحق بآدم ، (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين : ٤] ، للعوالم والمراتب ، (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [المؤمنون : ١٤].
والاسم عين المسمّى ، وقولهم للشيء وجود في اللفظ وفي الكتابة ، كما له وجود في الذهن والحس ، الأول وهم ، والثاني حقّ ، (قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا)[يوسف : ١٠٠] : أي حسية ، ولأن الحيز باطل فعكسه حقّ ، إما واجب لذاته ، أو ممكن موجود ، فواجب بغيره والوهمي عدمي ، فثمّ أسماء عدمية كالأسماء التي لا عين لها إلا في الوهم ، كالحدوث والتكيف والتحيز ، وسائر الأمور التي ترجع إلى نسب وإضافات لا حاصل لها سوى ذلك ، فبهذه العدمية تميز الوجود الحق المحض المجرد الذي لا يقبلها عمن قبلها ، فيحتجب بها عن حقيقته وحقه الذي هو هو من حيث هو هو ، ويشعر به