أكله أم لا؟ فأجاب صلىاللهعليهوسلم : بأن أوابد البهائم كأوابد الوحش».
فكما أن الوحش الأوابد كل أجزائها مذبح ؛ فكذا الإلهية الأوابد بجامع الشرار والنفار ؛ وفيه إشارة إلى النفوس النباتية الحيوانية.
فإن منها ما هي مطيعة منقادة حاملة للأمانات باختيارها فلا حاجة إلى قتلها بسيف الرياضات ، وسكين المجاهدات الشاقة ؛ فإنها سالكة على طريق الحق غير شاردة ، ومنها ما هي على خلاف ذلك.
وسرّ ذلك : ان النفس الحيوانية الأولى لها انجذاب إلى جانب الروح بحسب غلبة حكم الوجوب على حكم الإمكان ؛ فهي مجذوبة إلى الله تعالى بتبعية النفس الإنسانية ؛ إذ لا حكم للتركيب المزاجي في كل واحدة منهما بخلاف الحيوانية الثانية ؛ فإن النفس الإنسانية لها انجذاب إليها بحسب غلبة حكم الإمكان ، فإذا الحيوانية جاذبة للإنسانية بحسب غلبة التركيب المزاجي ، ولّما كان هذا عكس الفطرة الأصلية ؛ وحب تأديب النفس الحيوانية ؛ لئلا يقع الضلال والإضلال في طريق الحق ، وتأديبها وقتلها على أنواع ، فإن غلب عليها المنام ؛ فقتلها قطعها عنه بالسهر ، وإن غلب عليها الأكل والشرب ؛ وجب قطعهما عنها بتقليل الغداء ، وإن غلب عليها الشهوات ؛ وجب قطعها عنها ، بترك اللذائذ والطيبات ، وإن غلب عليها الهوى بحكم مجاورة النفس الأمّارة ؛ وجب قطعها عنه بالعمل بالهدى.
فالنفس الحيوانية التي غلب عليها حكم الإمكان والتركيب ، لا شك أنها إشارة عن طريق الشرع فضلا عن طريق المعرفة والحقيقة ، وإصلاحها في قتلها بما ذكر من المعالجات ؛ فإنها كالسهام في قتلها ، فبأي سهم قتلها؟ في أي موضع أصابها؟ فذلك مذبحها وسكينها ، وإن أهملت على حالها الطبيعية ؛ ألفت الأمانات ، وأثقال الشرع عن ظهرها ، فالتحقت بالوحشيات ؛ وهي نفوس الكفرة الفجرة الأبيّة عن قبول الحق.
وقد قال تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) [الصافات : ٢٢].
: أي قرناؤهم ، والكل مسئول عن قرينه ، وله حكمه أيضا بحسب الخير والشر ؛ لأن الجنسية جاذبة البتّة.