__________________
ـ [الإسراء : ١١٠] لكنّ الله ممنوع الحمى مطلقا أبدا ، وكذا الرحمن ما دامت معه ألف أنا ، ولام المعرفة ، وإذا زالا تقول : يا رحمن الدّنيا والآخرة كما تقول : إلهنا وإلهكم أو إلهك وإلهي ؛ لأنه حقا تقع الكناية عنه بألا فالهاء هو الهوا والهوا هو الله والله هو الهوا والله اسم الذات المجازية التي تتنوع في الصور على البصائر والأبصار ، وظهر هذا التنوع البصري في أعيان الأرواح كالصورة الدحيية ونحوها ، والهوا من هذا الاسم هو اسم الذات الحقيقية التي تتنوع فيها الصور ، وتتقدس في نفسها عن التنوع والانتقال.
قال الشيخ الأكبر قدسسره : «الرحمة تناقض التكيف دون الألوهية ، ولهذا قيل لهم : اعبدوا الله ما قالوا : وما الله؟ ولما قيل لهم : (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا : وَمَا الرَّحْمنُ؟ وَزادَهُمْ نُفُوراً) حيثما عرفوا الحقيقة وما عقلوها ولو عرفوها لعرفوا أن للرحمن الأسماء الحسنى كما لله ، ولو عرفوا أن له الأسماء الحسنى أيضا لعرفوا أن من أسمائه المكلف والمعبود وغير ذلك أيضا».
وقال أيضا : «لما كانت الهيمنة له على جميع الأسماء اختص بالاستواء ، وبما في السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وبالعلم بالسر بما هو أخفى ، فالرحمن جمع الجمع فإنه المعلم الجاعل العلامة في عين الجمع بالتمانع».
وقال بعضهم : «الرحمن شاهد غيب اللاهوت ، والرحيم شهادة شاهد الرحمن ، ومعلوله ، والرحمن اشتق من الرحمة مبالغة ، ولذا كان المراد إرادة الأنعام ونفس الأنعام على العبد ، ثم صرف إلى الذاتي أيّ : الحقيقة الذاتية فصار مختصا بالذات بحيث لا يسمّى به غيره تعالى لكونه الجامع للحقائق الذاتية».
وأمّا (الرحيم) ففيه الميم المحمّدي وجامع لأسماء الأفعال ، وهي المائة التي نزلت واحدة منها لدار الدّنيا وبقيت تسعة وتسعون لدار الآخرة ، وهو من صفات الأفعال من جهة أنها مأخوذ من الرحمة التي هي نفس النعمة.
فقال بعض المشايخ : إن الهو ، والله : سمّيان الأول بالرحمة ، والثاني بالرحيم ، والرحيم مشترك مع الرحمن في الإحاطة على الوجه المذكور فهو دائرة الرحمن ، والرحمن دائرة الدوائر ووجه الوجوه وجهة الوجهات.
وقال الشّيخ قدسسره : «اسم من ثلاثة أسماء ظهرت في كلّ منزلة ، وهو اسم مشترك في التنكير ، ومفرد في التعريب اسم مختص بالإيمان والتّقوى والاتّفاق والاتّباع ، وهو في الألوهية مطلق ، وإذا اتبع لاسم آخر مثل قوله : (غَفُورٌ رَحِيمٌ)[البقرة : ١٧٣] ، (الْبَرُّ الرَّحِيمُ)[الطور : ٢٨] ، فليس لضعف فيه ، وهو في الكون مؤيد بغيره ، أو مختص مقيد بحضرة قال الله تعالى : (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً)[الأحزاب : ٤٣].