قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    مرآة الحقائق

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    تحمیل

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    211/449
    *

    __________________

    ـ وفي رواية الحاكم من حديث فاطمة بنت اليمان قالت : «أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في نساء تعوده ، فإذا سقاء يقطر عليه من شدة الحمّى ، فقال : إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم».

    ويروى أنه كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنده في مرضه سبعة دنانير ، فكان يأمرهم بالصدقة بها ، ثم يغمى عليه فيشتغلون بوجعه ، فدعا بها فوضعها في كفه ، وقال : «ما ظنّ محمد بربه لو لقي الله وعنده هذه ، ثم تصدّق بها كلها» ، رواه البيهقي.

    قال القسطلاني : انظرا إذا كان هذا سيد المرسلين ، وحبيب رب العالمين ، المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكيف حال من لقي الله وعنده دماء المسلمين وأموالهم المحرمة ، وما ظنه بربه تعالى.

    وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت ، فسألناها عن ذلك فقالت : سارني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت.

    وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها أيضا قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة ، وكانت إذا دخلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قام إليها وقبّلها وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها فعلت ذلك ، فلما مرض دخلت عليه فأكبّت عليه فقبلته.

    واتفقت الروايتان على أن الذي سارها به أولا فبكت هو إعلامه إياها بأنه ميت من مرضه ذلك ، واختلفتا فيما سارها به فضحكت ، ففي رواية عروة : أنه إخباره إياها بأنها أول أهله لحوقا به ، وفي رواية مسروق : أنه إخباره إياها بأنها سيدة نساء أهل الجنة ، وجعل كونها أول أهله لحوقا به مضموما إلى الأول : أي الذي سارها به أولا وهو إخباره صلى‌الله‌عليه‌وسلم إياها بأنه ميت من مرضه.

    قال : وهو الراجح ، فإن حديث مسروق يشتمل على زيادات ليست في حديث عروة ، وهو من الثقات الضابطين ، فمما زاده مسروق قول عائشة رضي الله عنها فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن ، فسألتها عن ذلك ، فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حتى توفي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألتها فقالت : أسرّ إليّ أن جبريل عليه‌السلام كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة ، وأنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي ، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي.

    قال : وفي رواية للطبراني عن عائشة رضي الله عنها أنه قال لفاطمة : إن جبريل عليه‌السلام أخبرني أنه ليس امرأة من نساء المؤمنين أعظم رزية منك ، فلا تكوني أدنى امرأة منهن صبرا.

    قال : وفي الحديث إخبارها صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما سيقع فوقع كما قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنهم اتفقوا على أن فاطمة رضي الله عنها كانت أول من مات من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعده حتى من أزواجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.