في الأعراف :
قال الله عزوجل : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ
أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) [الأعراف : ٢٦].
اعلم أن هاهنا
ستة ألبسة ؛ اثنان منهما من ظاهر الدنيا ، واثنان من ظاهر الدين ، واثنان من باطن
الدين.
أمّا اللذان
هما من ظاهر الدنيا : فلباس الضرورة الذي يستر السوءة.
ولباس الزينة
الذي هو الريش.
وفي الزينة
أيضا غرض صحيح لقوله تعالى : لتركبوها وزينة ، وفي التنزيل أيضا : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ
الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) [الأعراف : ٣٢] ، ومن الزينة اللحية ، كما ورد من تسابيح الملائكة أنهم
قالوا : (سبحان
من زيّن الرجال باللحي ، وزيّن النساء بالذوائب).
فإن كانت : أي
اللحية مع توقيرها معتدلة بالوجه ؛ تترك على حالها ، ولا يؤخذ منها شيء ، وإن كانت
غير معتدلة ؛ يقصّ ما دون القبضة من الذقن حتى تعتدلا ، فإن الزينة في الاعتدال ،
فلا اعتبار بقول من ذهب إلى وجوب توقيرها ، وبقول من قال بوجوب قصّها ؛ فإنه لا
معنى للإفراط والتفريط ، وقد كان صلىاللهعليهوسلم يأخذ من طول لحيته لا من عرضها.
وأمّا اللذان
هما من ظاهر الدين : فلباس التقوى من محارم الله تعالى على سبيل الوجوب.
ولباس مكارم
الأخلاق من العفو الصفح ، والإصلاح ونحو ذلك على سبيل الندب ؛ فإنه لا بد للمؤمن
من هذين اللباسين في الدين.
وأمّا اللذان
هما من باطن الدين ؛ فالأول منها : الخرقة المعروفة التي يلبسها الفقراء السالكون
من أيدي المشايخ.
وقد صحّ أن
الشيخ الشبلي ونحوه قدّس الله أسرارهم لبسوها وألبسوها ،
__________________