قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    مرآة الحقائق

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    تحمیل

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    164/449
    *

    في الأعراف : قال الله عزوجل : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) [الأعراف : ٢٦].

    اعلم أن هاهنا ستة ألبسة ؛ اثنان منهما من ظاهر الدنيا ، واثنان من ظاهر الدين ، واثنان من باطن الدين.

    أمّا اللذان هما من ظاهر الدنيا : فلباس الضرورة الذي يستر السوءة.

    ولباس الزينة الذي هو الريش.

    وفي الزينة أيضا غرض صحيح لقوله تعالى : لتركبوها وزينة ، وفي التنزيل أيضا : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) [الأعراف : ٣٢] ، ومن الزينة اللحية ، كما ورد من تسابيح الملائكة أنهم قالوا : (سبحان من زيّن الرجال باللحي ، وزيّن النساء بالذوائب).

    فإن كانت : أي اللحية مع توقيرها معتدلة بالوجه ؛ تترك على حالها ، ولا يؤخذ منها شيء ، وإن كانت غير معتدلة ؛ يقصّ ما دون القبضة من الذقن حتى تعتدلا ، فإن الزينة في الاعتدال ، فلا اعتبار بقول من ذهب إلى وجوب توقيرها ، وبقول من قال بوجوب قصّها ؛ فإنه لا معنى للإفراط والتفريط ، وقد كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأخذ من طول لحيته لا من عرضها.

    وأمّا اللذان هما من ظاهر الدين : فلباس التقوى من محارم الله تعالى على سبيل الوجوب.

    ولباس مكارم الأخلاق من العفو الصفح ، والإصلاح ونحو ذلك على سبيل الندب ؛ فإنه لا بد للمؤمن من هذين اللباسين في الدين.

    وأمّا اللذان هما من باطن الدين ؛ فالأول منها : الخرقة المعروفة التي يلبسها الفقراء السالكون من أيدي المشايخ.

    وقد صحّ أن الشيخ الشبلي (١) ونحوه قدّس الله أسرارهم لبسوها وألبسوها ،

    __________________

    (١) هو شيخ الطائفة أبو بكر الشبلي البغدادي قيل : اسمه دلف بن جحدر ، وقيل : جعفر بن يونس ، وقيل : جعفر بن دلف. أصله من الشبلية قرية ، ومولده بسامراء ، وكان أبوه من كبار حجاب الخلافة ، وكان خاله أمير الأمراء بالإسكندرية ، وولي هو حجابة أبي أحمد الموفق ، ثم لما عزل أبو