٤٧ ـ في حديث مسلم : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الكافر» :
أي : الساتر لنعمة الوجود ، وما يتصل بها بالجحود والكفران.
قوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا عمل حسنة من الحسنات» ؛ أيّة حسنة كانت من صلة الرحم ، وقرى الضيف ، وإكرام اليتيم ، وإماطة الأذى من الطريق ونحو ذلك.
قوله صلىاللهعليهوسلم : «أطعم بها طعمة في الدنيا» (١) ، إذ لا خلاق في الآخرة ، والله تعالى كما هو عدل ؛ كذلك هو مفضّل ، فمن كونه مفضّلا ورحمانا على عباده ، كلهم يفيض على الكافر أيضا أجور حسناته ، ولو كانت تلك الحسان قليلة كما ينبئ عنه الأفراد ، والتنكير في حسنة إذ ليس من شأنه تكثير الحسنات ؛ إذ الإيمان له بالله ، وباليوم الآخر كما ينبغي.
وكذا الحال في إفراد طعمة بالضم وتنكيرها ؛ لأن أجور الدنيا في جنب أجور الآخرة مما لا قدر له أصلا.
وفي قوله : (أطعم) : على بناء المجهول ؛ تحقير لشأنه من حيث إنه كافر.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «وأمّا المؤمن فإن الله تعالى يدّخر له حسناته في الآخرة» (٢) ، في إسناد الادّخار إلى الله تعالى حيث لم يقل : فإنه يدخل له على المجهول تعظيم لشأن المؤمن من حيث إنه مؤمن ، وفي الحسنات دون الحسنة ، كما في خلافه ، إشارة إلى أن شأن المؤمن تكثير الحسنات ، فإنه بحسب الأسماء الإلهية يجرى ، فله في مقابلة كل اسم خلق وفعل يعقبه رزقا في الدنيا على طاعته ، يعني : كما أن له أجرا عظيما في الآخرة بحسب صدقه وإخلاصه ؛ فله في الدنيا أجرا أيضا على طاعته وعبادته.
خصص الرزق بالذكر ؛ لأن أكثر ما يهتم به الإنسان هو الرزق ، وفيه إشارة إلى الرزق المعنوي أيضا ؛ لأن الحسنات أعمال صالحة ، ومن عمل بما علم ؛ ورّثه الله علم ما لم يعلم ، فله رزق ظاهر وباطن جميعا ؛ لأن الله تعالى عنده ثواب الدنيا والآخرة ، ونعيم الصورة والمعنى.
__________________
(١) رواه مسلم (٤ / ٢١٦٢) ، والطبراني في الأوسط (٣ / ١٨٩).
(٢) تقدم تخريجه.