قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    مرآة الحقائق

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    تحمیل

    مرآة الحقائق [ ج ٢ ]

    107/449
    *

    فإنها مخلوقة لا بيوصف الله تعالى بها ، وعلى هذا يدور الوجود المطلق ، والوجود العام ،

    __________________

    ـ تكن : أي آثار أسمائك الحسنى ، فإن الأسماء تطلب الآثار ، فإن المانع يطلب من يمنعه ، والمعطى كذلك ولا ظهور للآثار إلا بظهور المؤثرات.

    ولهذا لم يكن ظهور الكون إلا عن الأسماء وطلبها ، كما ذكره الشيخ في «إنشاء الدوائر» ، وفي «عنقاء مغرب».

    وأمّا بالنظر إلى الذات العليّة المتعزز درك كنهها بالكليّة ؛ فهي مطلقة غنيّة حتى عن الإطلاق والكل في قيد وفي وثاق ، فلا تعلّق لها بشىء إلا من حيث الإمداد ، ولا يتعلق بها شيء إلا من حيث الاستمداد ، والأسماء الحسنى هي الوسائط التي لولاها كنّا من البسائط.

    ثم قال : «فكنت : أي كنزا مخفيّا» ولم تزل على ما كنت عليه إلى الأبد في الأزل وكنّا بك أعيان ثابتة في العلم ثم أبرزت صورة ما في علمك لا الذي في علمك ، فإنه قديم لا تحلّه الحوادث ، وهذا معنى قول الشيخ الأعيان الثابتة : أي في العلم ما شمت رائحة الوجود : أي في العين.

    ثم قال : والحقيقة لا تدري إلا بمنحة منك وكشف عنها ، فهناك يكون الإدراك بك وإذا كان بك فلا إدراك ، أو يكون أراد بالحقيقة الحقيقة الإلهية.

    وهي كما قال رضي الله عنه : فالأنبياء والمرسلون لا يدركون كنه الذات العلية ؛ بل عمّ بالنظر إلى الكنه في حيرة جليّة ، وأمّا التجليات الواقعة في الدنيا والآخرة فلا تخرج عن رتبة التقييد والتجليات المطلقة ، فلا حظّ للعبد فيها إلا أن رتبة التقييد وإدراك التجلّي المطلق لا يتخلص للعبد على ما حققه الشعراني رضي الله عنه في «ميزان الذرية» إلا عند فنائه لا في حال بقائه مع الحق ، وحينئذ فما رأى إطلاق الحق إلا الحق فافهم.

    قال : وإيّاك والغلط ، فإنه لا حلول ولا اتحاد ولا يلحق عبد رتبة الحق أبدا ولو صار الحق سمعه وبصره وجميع قواه ، فإن الحق تعالى قد أثبت عين العبد معه بالضمير في قوله في الحديث القدسي : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به» ، إلى آخر النسق ، فإن قيل أن كلام الحق تعالى قديم.

    وقد قال : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ)[الحديد : ٤].

    وهذا يشعر بأنّا معه في الأزل ، كما يقول بذلك الفلاسفة.

    قلنا : التحقيق أن العالم قديم في العلم الإلهي ، حادث في الظهور ، فشهود الحق في رتبة التقييد ، يخص الحق تعالى به أفراد العبيد ، ولشهود الحق علامة فمن شهدها في نفسه كان في قوله صادقا ، وإلا كان مبطلا لدعاويه الكاذبة موافقا.

    قال سيدي محيي الدين رضي الله عنه في باب «الوصايا» : «اعلم أن علامة من يدّعي أنه يشاهد الحق تعالى إذا عكس مرآة قلبه إلى الكون ؛ يعرف ما في ضمائر جميع الخلق ويصدق الناس على ذلك الكشف».