.................................................................................................
______________________________________________________
حينئذ أنّ المريد للفعل لا يقدم إلى تركه عمدا ، لأنّه خلاف الإرادة ، ولا سهوا ، لأنّه أكثر تذكّرا للفعل حين العمل من غير هذه الحالة ، لندرة النسيان حين العمل.
ومن هنا يظهر الوجه في ضمّ المصنّف رحمهالله للكبرى إلى التعليل في نفي الاحتمالين ، وعدم استناده في ذلك إلى مجرّد العلّة. وحاصله : أنّ العلّة بملاحظة موردها تنفي الاحتمالين.
ثمّ اعلم أنّ للقاعدة فروعا مهمّة أخر قد أهملها المصنّف رحمهالله في المقام ، ولا بأس بالإشارة إليها على ما تقتضيه الحال ويسعه المجال.
الأوّل : أنّ المراد بالشكّ في مورد أخبار الباب هو المعنى المراد به في باب الاستصحاب ، أعني : الأعمّ من متساوي الطرفين ومن الظنّ غير المعتبر ، لكون الشكّ لغة أعمّ منهما. بل يظهر من الفيّومي اتّفاق أهل اللغة عليه ، قال : «قال أئمّة اللغة : الشكّ خلاف اليقين ، فقولهم : خلاف اليقين هو التردّد بين شيئين ، سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الآخر» انتهى. فلو شكّ في وقوع الفعل أو صحّته بنى عليهما وإن كان عدمهما مظنونا.
نعم ، قد استثنيت من ذلك الشكوك الواقعة في أثناء الصلاة ، فلو شكّ في القراءة أو الركوع أو غيرهما بعد الفراغ منها ، أو بعد الدخول في غيرها مع الظنّ بعدم الإتيان بها ، بنى على عدم وقوعها ، وإن اقتضت القاعدة خلافه. والدليل عليه هو النصّ ، لأنّه وإن ورد في عدد الركعات إلّا أنّه يثبت حكم الأفعال به أيضا بالأولويّة ، كما تمسّك به في المدارك ، لأنّ الركعة عبارة عن الأفعال المجتمعة ، فإذا اعتبر الظنّ في المجموع ففي الأجزاء بطريق أولى. ووجه تقدّم الظنّ على القاعدة حكومة أدلّته على أدلّتها.
الثاني : أنّ أخبار الباب قد وردت في الصلاة والطهارات ، وظاهر المعتنين بالفقه ـ كالشيخ والفاضلين والشهيد وغيرهم ـ عدم تعدّيهم عن مواردها ، ولعلّهم فهموا منها اختصاص القاعدة بها ، ولذا لم يتمسّكوا بها في غيرها من أبواب