أفرادا مقدّم على غيره ، فإنّ العرف يقدّم عموم" يجوز أكل كلّ رمّان" على عموم النهي عن أكل كلّ حامض ؛ لأنّه أقلّ أفرادا ، فيكون أشبه بالنصّ. وكما إذا كان التخصيص في أحدهما تخصيصا لكثير من الأفراد بخلاف الآخر.
بقي في المقام شيء : وهو أنّ ما ذكرنا من حكم التعارض من أنّ النصّ يحكّم (٢٩١٩) على الظاهر والأظهر على الظاهر ، لا إشكال في تحصيله في المتعارضين ، وأمّا إذا كان التعارض بين أزيد من دليلين ، فقد يصعب تحصيل ذلك ؛ إذ قد يختلف حال التعارض بين اثنين منها بملاحظة أحدهما مع الثالث. مثلا : قد يكون النسبة بين الاثنين العموم والخصوص من وجه ، وينقلب بعد تلك الملاحظة إلى العموم المطلق أو بالعكس أو إلى التباين.
وقد وقع التوهّم في بعض المقامات ، فنقول توضيحا لذلك (٢٩٢٠):
______________________________________________________
٢٩١٩. أي : يصير حاكما عليه. وفي دعوى كون تقديم الأظهر على الظاهر من باب الحكومة منافاة لما تقدّم في كلامه من كونه من باب ترجيح الدلالة دون الحكومة.
٢٩٢٠. اعلم أنّ ملخّص ما ذكره المصنّف رحمهالله هنا إلى آخر المسألة هو إرجاع جميع أقسام التعارض بين أزيد من دليلين إلى قسمين :
أحدهما : ما كان تعارض الأدلّة بنسبة واحدة ، إمّا بالعموم والخصوص من وجه ، بأن كان الجميع بهذه النسبة ، وإمّا بالعموم والخصوص مطلقا ، بأن كان أحدها عامّا والآخران خاصّين بالنسبة إليه ، كما يظهر ممّا مثّل به للمقام ، وحكمه حكم المتعارضين كذلك على نحو ما أوضحه.
والثاني : ما كانت النسبة فيه بين المتعارضات مختلفة ، وحكمه أنّه مع رجحان أحدها يقدّم الراجح ، ثمّ تلاحظ النسبة بينه وبين الباقي على ما أوضحه في آخر كلامه ، إلّا أنّه لم يتعرّض لصورة عدم رجحان شيء منها. والأولى في تعداد موارد أقسام المسألة أن يلاحظ نفس تعارض الأدلّة دون نسبتها ، لكونه أكثر استمدادا للمبتدي وانتفاعا للمنتهي في الاطّلاع على موارد المسألة ، كما ستقف عليه.