ومنها : ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازيّ ؛ وعبّروا عنه بتقديم (٢٩١٣) الحقيقة على المجاز ، ورجّحوها عليه. فإن أرادوا أنّه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظيّ بإرادة المعنى المجازيّ وبين طرح مقتضى القرينة في
______________________________________________________
ظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في زمان صدور العامّ ، وإلّا انتفى احتمال نسخ بعض أفراد العامّ بالخاصّ المذكور. ووجهه واضح ، لأنّ الشكّ في كون الخاصّ ناسخا مسبّب عن الشكّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء ، إذ مع العلم به يحصل القطع بكونه مخصّصا لا ناسخا وإذا فرض ظهوره في ثبوت حكمه ابتداء بالظهور المعتبر تعيّن كونه مخصّصا. وبعبارة اخرى أنّ ظهوره في ثبوت حكمه ابتداء حاكم على ظهور العامّ في الشمول لجميع أفراده ، فلا يصحّ جعل ظهور العامّ في الشمول والعموم دليلا على كون الخاصّ ناسخا. مع أنّ فيه ارتكاب خلاف ظاهرين ، أحدهما : ظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء ، والآخر : ظهور العامّ في استمرار حكمه إلى الأبد. وفي التخصيص ارتكاب خلاف ظاهر واحد ، وهو ظهور العامّ في العموم الأفرادي ، وهذا أسهل ، فارتكابه أرجح وأولى ، وحينئذ يتعيّن التخصيص.
ولكنّ التعارض المذكور الذي فرض ارتفاعه بظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء ، إنّما يتأتّى فيما تقدّم العامّ وتأخّر الخاصّ ، ولا يجري في الخاصّ المتقدّم على العامّ المردّد بين كونه مخصّصا للعامّ وكون العامّ ناسخا له ، لأنّ التعارض حينئذ بين ظهور كلامين ، وهو ظهور الخاصّ في استمرار حكمه المقتضي لكونه مخصّصا للعامّ ، وظهور العام في الشمول لجميع الأفراد المقتضي لكونه ناسخا للخاصّ ، وهذا التعارض غير التعارض السابق ، لما عرفت من كون التعارض بين الظهورين في الصورة الاولى بواسطة أمر ثالث بالذات ، بخلافه هنا.
٢٩١٣. لعلّه لكون الاهتمام بشأن الحقائق الوضعيّة أولى من الاهتمام بشأن المجازات ، لما ثلمتها ثلمة المجازيّة والخروج من الحقيقة الوضعيّة ، فتكون مراعاة حال الحقائق أولى وأرجح.