.................................................................................................
______________________________________________________
فإن قلت : إنّا نمنع كون المقام من موارد قاعدة الاشتغال ، لأنّ أصالة البراءة عن التكليف الزائد تنفي احتمال تعيّن المأخوذ ، لكونه تكليفا زائدا.
قلت : مع التسليم إنّ هذا إنّما يتمّ فيما دار الأمر بين التعيين والتخيير في نفس المكلّف به دون طريقه ، والتردّد هنا في طريقه ، لأنّ مرجع الشبهة إلى الشكّ في كيفيّة امتثال المتعارضين بعد الأخذ بأحدهما وأنّها على وجه التعيين أو التخيير ، وقد قرّر في محلّه أنّ مرجع الشبهة إذا كان إلى الشكّ في بعض شرائط كيفيّة الامتثال فالمتعيّن في مثله الاشتغال دون البراءة ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله في أواخر مسألة البراءة.
ولكن ربّما يدفعه ما قدّمناه فيما أوردناه على الدليل الثاني للقول الأوّل ، من كون مقتضى القاعدة بعد ثبوت التخيير في الجملة هو الحكم باستمراره ، سواء قلنا باعتبار الأخبار من باب الطريقيّة أم السببيّة.
وقد يستدلّ على المقام أيضا باستصحاب الحكم المختار ، لأنّه بعد الالتزام بمقتضى أحد الدليلين والعمل به يتعلّق به ما تضمّنه من التكليف ، والأصل بقائه في الوقائع الأخر أيضا.
وفيه : ما عرفت من عدم الإجمال في حكم العقل أصلا. مضافا إلى حكومة استصحاب التخيير عليه ، لأنّ الشكّ في بقاء الحكم المختار مسبّب عن الشكّ في بقاء التخيير.
وبلزوم الهرج والمرج المنافي لنظم العالم ، إذ على القول باستمرار التخيير يكون الحكم تابعا لاختيار المكلّف ، لأنّه إنّما يختار في كلّ واقعة ما يوافق غرضه في تلك الواقعة.
وفيه : منع لزوم الهرج ، لندرة مورد تعارض فيه دليلان متكافئان بحيث لا يترجّح أحدهما على الآخر من وجه أصلا. وما يوجد من ذلك فاللازم منه ليس بأكثر ممّا يلزم من إيكال الشارع أمر الزوجة إلى زوجها ، فيتزوّج بها مرّة ويفارقها اخرى ، أو نحو ذلك ممّا يشابهه.