وأمّا أخبار التوقّف (٢٨٢٢) الدالة على الوجه الثالث ـ من حيث إنّ التوقّف في الفتوى يستلزم الاحتياط في العمل كما فيما لا نصّ فيه ـ فهي محمولة على صورة التمكّن من الوصول إلى الإمام عليهالسلام ، كما يظهر من بعضها ، فيظهر منها : أنّ المراد ترك العمل وإرجاء الواقعة إلى لقاء الإمام عليهالسلام ، لا العمل بها بالاحتياط.
______________________________________________________
٢٨٢٢. هذا إشارة إلى دليل الوجه الثالث ، وتقريب الاستدلال به ، وإلى الجواب عنه. أمّا التقريب فيه فبأنّ الأمر بالتوقّف وإن كان ظاهرا في التوقّف عن الفتوى إلّا أنّه يستلزم الاحتياط في العمل. ووجه الاستلزام ما أشار إليه المصنّف رحمهالله في الشبهة البدويّة التحريميّة من أنّ ظاهر التوقّف المطلق السكون وعدم المضيّ ، فيكون كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل ، وهو محصّل قوله عليهالسلام في بعض تلك الأخبار : «الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات». فلا يرد على الاستدلال «أنّ التوقّف في الحكم الواقعي مسلّم عند كلا الفريقين ، والإفتاء بالحكم الظاهري منعا أو ترخيصا مشترك كذلك ، والتوقّف في العمل لا معنى له» انتهى. وهذه الأخبار لأجل كثرتها قد أغنتنا عن ملاحظة سندها ، وصارت بذلك راجحة على أخبار التخيير.
وأمّا الجواب ، فبأنّ أخبار التوقّف والاحتياط منها ما هو وارد في الشبهات البدويّة ، وقد تقدّمت مع جوابها في مسألة البراءة. ومنها ما هو وارد في تعارض الأخبار. والجواب عنها بعد حمل مطلقها على مقيّدها ـ بظهور اختصاصها بزمان التمكّن من الرجوع إلى الإمام عليهالسلام ، مثل قوله عليهالسلام في المقبولة : «فأرجه حتّى تلقى إمامك» ونحن لا نتحاشى عنه ، لأنّا إنّما نقول بالتخيير في أمثال زماننا الذي لا يمكن الرجوع فيه إلى خدمته. ومع تسليم المعارضة وعدم إمكان الجمع بين الأخبار نقول : إنّ الترجيح لأخبار التخيير ، لاعتضادها بعمل المشهور ، بل في محكيّ المعالم : «لا نعرف في ذلك مخالفا من الأصحاب ، وعليه أكثر أهل الخلاف» انتهى. ومثله عن نقد الرجال. ونسبه بعض الأفاضل إلى المجتهدين. وفي بعض شروح