منهما ؛ لعدم كونهما طريقين ، كما أنّ التخيير مرجعه إلى التساقط من حيث وجوب العمل (٢٨١٨).
هذا ما تقتضيه القاعدة في مقتضى وجوب العمل بالأخبار من حيث الطريقيّة ، إلّا أنّ الأخبار المستفيضة بل المتواترة قد دلّت على عدم التساقط مع فقد المرجّح (*). وحينئذ فهل يحكم بالتخيير أو العمل بما طابق منهما الاحتياط (٢٨١٩) أو بالاحتياط ولو كان مخالفا لهما ، كالجمع بين الظهر والجمعة مع تصادم أدلّتهما ، وكذا بين
______________________________________________________
أنّ ما علم إجمالا هي مخالفة إحداهما لأجل تمانعهما للواقع ، وأمّا الاخرى فلا. ولا ريب أنّه كما يعتبر في اعتبار الخبر عدالة الراوي وضبطه مثلا ، كذا يشترط فيه عدم العلم بمخالفة مؤدّاه للواقع ، وإلّا خرج من كونه طريقا إلى الواقع ، فحينئذ يكون أحد المتعارضين فاقدا لبعض شرائط اعتباره ، وغاية الأمر اشتباه الواجد للشرط بالفاقد له في نظرنا ، نظير اشتباه الصحيح بغيره ، فإن كان ذلك موجبا لخروج كلّ منهما من وصف الطريقيّة فليكن كذلك في المقامين ، فتأمّل.
٢٨١٨. يعني : بكلّ منهما عينا لا بواحد غير معيّن.
٢٨١٩. مراده العمل بأحدهما المطابق للاحتياط إن كان أحدهما مطابقا له وإلّا فلا يتخيّر. وكذا المراد بالقول الثالث هو العمل بالاحتياط مع إمكانه وإلّا فالتخيير ، كما إذا دلّ أحد الخبرين على الوجوب والآخر على الحرمة.
نعم ، ربّما يورد عليه أنّ هذه الوجوه أو الأقوال إنّما هي مفروضة بعد فرض عدم تساقط الخبرين ، بمعنى اعتبارهما في نفي الاحتمال الثالث ، ومع ذلك كيف يحكم بوجوب العمل بالاحتياط المخالف لهما معا؟
وفيه : أنّ المراد بمخالفته لهما مخالفته لخصوص كلّ منهما ، بمعنى عدم تأتّي تمام الاحتياط بالعمل بخصوص كلّ منهما ، وإن كان خصوص كلّ منهما موافقا للاحتياط في الجملة ، كما يظهر من تمثيله بالظهر والجمعة والقصر والإتمام.
__________________
(*) فى بعض النسخ زيادة : فلذا لم نحكم بالتساقط.