.................................................................................................
______________________________________________________
أهميّتها مانعة من تأثير الاخرى ولو في الوجوب التخييري.
وممّا قرّرناه يظهر الفرق بين مصلحة الوجوب التخييري هنا وبينها في غيره ، لأنّ المصلحة هنا مقتضية بالذات لوجوب كلّ منهما عينا ، وفي غيره لا تقتضي إلّا وجوبهما تخييرا ، ولذا لا ترتفع المصلحة هنا بالإتيان بأحدهما عن الآخر ، بخلافها في غيره.
وأمّا الثالث ، فاعلم أنّ الشارع إذا نصب طريقا ، ولم يلاحظ في نصبها سوى مصلحة غلبة إيصالها إلى الواقع ، فإذا قامت في مورد من دون علم بموافقتها للواقع ولا بمخالفتها له ، فلا إشكال في وجوب متابعتها حينئذ. وإذا تعارضت مع مثلها في مورد مع استجماع كلّ من المتعارضين لشرائط الحجّية ، فلا يجوز العمل بكلّ منهما عينا ولا تخييرا. أمّا الأوّل فلفرض تمانعهما. وأمّا الثاني فلعدم وجود المقتضي للعمل ، لأنّ العلم إجمالا بمخالفة إحدى الطريقين للواقع يوجب خروج الاخرى ، أيضا من وصف الطريقيّة ، لما أشار إليه المصنّف رحمهالله من كون مصلحة الطريقيّة في كلّ منهما بخصوصها مقيّدة بعدم معارضتها بمثلها ، فمع المعارضة تخرج كلّ واحدة منهما من وصف الطريقيّة.
والسرّ في ذلك : أنّا قد علمنا بعدم إرادة الشارع سلوك طريق مخالفة للواقع ، لأنّ إرادته ذلك منافية لغرضه من نصب الطريق ، لأنّ نصبها كما عرفت إنّما هو لمجرّد التوصّل بها إلى الواقع ، فمع العلم بمخالفتها له لا يعقل الأمر بسلوكها في التوصّل بها إلى الواقع ، فمع اشتباهها بما هو غير معلوم المخالفة للواقع ، مع فرض استجماع كلّ منهما لشرائط الحجّية ، واندراجهما في عنوان دليل حجّيتهما ، مثل كون كلّ منهما خبر عدل ضابط مثلا ، لا يعلم اتّصاف شيء منهما بصفة الطريقيّة. ومجرّد اتّصاف إحداهما بها في الواقع غير مجد في المقام ، إذ لا بدّ في تلبّس الطريق بلباس الطريقيّة أن يكون كذلك عند المكلّف ، لأنّه المأمور بسلوكها والمتوصّل بها إلى الواقع ، فمع اشتباه الطريق بغيرها فبأيّ منهما أخذ لا يعلم كونها طريقا ، فلا يحصل