لا يعاقب عليه ، فوجوب الأخذ بأحدهما (٢٨١٦) نتيجة أدلّة وجوب الامتثال والعمل بكلّ منهما ، بعد تقييد وجوب الامتثال بالقدرة.
وهذا ممّا يحكم به بديهة العقل ، كما في كلّ واجبين اجتمعا على المكلّف ، ولا مانع من تعيين كلّ منهما على المكلّف بمقتضى دليله إلّا تعيين الآخر عليه كذلك. والسرّ في ذلك : أنّا لو حكمنا بسقوط كليهما مع إمكان أحدهما على البدل ، لم يكن وجوب كلّ واحد منهما ثابتا بمجرّد الإمكان ، ولزم كون وجوب كلّ منهما مشروطا بعدم انضمامه مع الآخر ، وهذا خلاف ما فرضنا من عدم تقييد كلّ منهما في مقام الامتثال بأزيد من الإمكان ، سواء كان وجوب كلّ منهما بأمرين ، أو كان بأمر واحد يشمل الواجبين. وليس التخيير في القسم الأوّل لاستعمال الأمر في التخيير ـ كما توهّم ـ بل من جهة ما عرفت.
والحاصل : أنّه إذا أمر الشارع بشىء واحد استقلّ العقل بوجوب إطاعته في ذلك الأمر بشرط عدم المانع العقلي والشرعي ، وإذا أمر بشيئين واتّفق امتناع إيجادهما في الخارج استقلّ بوجوب إطاعته في أحدهما لا بعينه ؛ لأنّها ممكنة ، فيقبح تركها.
______________________________________________________
٢٨١٦. يعني : أنّ مقتضى الأدلّة وإن كان وجوب العمل بكلّ واحد من الدليلين عينا ، إلّا أنّ الأخذ بأحدهما تخييرا إنّما هو بضميمة مقدّمة خارجة عقليّة لا بنفس أدلّة اعتبارهما ، وهي كون وجوب العمل بكلّ منهما عينا مشروطا بإمكانه ، ومع عدم تحقّق الشرط لأجل تمانع مدلولهما يتعيّن العمل بهما تخييرا ببداهة حكم العقل ، لأنّه إذا فرض كون امتثال التكاليف مشروطا بحكم العقل بعدم وجود مانع عقلا أو شرعا ، فحيث وجد المانع هنا من جهة التعارض يحكم بوجوب الامتثال بحسب الإمكان ، وهو العمل بأحدهما تخييرا ، لأنّه القدر الممكن ، لأنّ في إلغائهما إهمالا لأدلّة اعتبارهما ، كما في كلّ واجبين متزاحمين ، كصلاة العصر مع صلاة الكسوف مع ضيق الوقت على نحو ما قرّره المصنّف رحمهالله.
فإن قلت : إنّه إذا فرض كون مقتضى الأدلّة وجوب العمل بكلّ منهما عينا ، وكان وجوب العمل بهما كذلك مشروطا بالإمكان ، فمع انتفاء الشرط ينتفي المشروط ،