.................................................................................................
______________________________________________________
بترك جميع أطراف الشبهة ، وإلّا فلو فرض وجود العلم الإجمالي فيما تيسّر من المشتبهات أيضا مع قطع النظر عمّا تعسّر منها ، وجب الاحتياط بالإتيان بما تيسّر منها بلا إشكال ، كما أنّ مقتضى القاعدة عند انسداد باب العلم هو وجوب الاحتياط بالإتيان بجميع المحتملات ، سواء كانت مظنونة أم مشكوكة أم موهومة ، إلّا أنّ تعسّر هذا الاحتياط قد أحوجنا إلى الاقتصار فيه على سلسلة المظنونات ، لكونها أولى من غيرها. وليس لأحد أن يتوهّم وجود الخلاف فيه من حيث وجوب استيعاب جميع المظنونات وعدمه بعد عدم وجوب الاحتياط الكلّي ، لأنّ العلم الإجمالي بوجود واجبات ومحرّمات واقعيّة في سلسلة المظنونات والمشكوكات والموهومات ، كما أوجب علينا الاحتياط في الجميع ، كذلك العلم الإجمالي بها في سلسلة المظنونات ـ مع قطع النظر عن غيرها ـ أوجب علينا الاحتياط الكلّي في سلسلتها ، بعد عدم وجوبه مطلقا لأجل العسر أو غيره ، بخلاف ما نحن فيه على ما عرفت.
ثمّ إنّ عدم وجوب الموافقة القطعيّة إمّا أن يكون بسبب من المكلّف بالفتح ، من تعذّر الإحاطة بجميع المحتملات أو تعسّرها ، أو من قبل المكلّف بالكسر لأجل دليل تعبّدي على ذلك. وعلى الأوّل إمّا أن يكون ما تعذّر أو تعسّر من المحتملات معيّنا أو غير معيّن ، كما إذا تعذّرت أو تعسّرت الصلاة ـ لمرض أو غيره ـ إلى بعض جهات القبلة عند اشتباهها معيّنا أو غير معيّن. وعلى الثاني أيضا لا بدّ أن يفرض الكلام فيما لم يقم دليل على إرادة مرتبة معيّنة من المحتملات بعد عدم إرادة الجميع ، وإلّا فلا إشكال في وجوب الإتيان بما قام عليه الدليل.
فمحلّ الكلام فيه ما قام الدليل فيه على عدم وجوب الاحتياط الكلّي من دون دلالة على وجوب مرتبة معيّنة منه ، بل احتمل عدم وجوب شيء منها إلّا فيما قام الدليل على حرمة المخالفة القطعيّة أو وجوب بعضها أقلّ أو أكثر ، كما في مثال اشتباه القبلة ، بأن يقال إنّ الإجماع قد انعقد على عدم وجوب ما زادت على أربع صلوات إلى الجهات الأربع ، لا بمعنى وجوب الأربع خاصّة ، بل بمعنى عدم