فحكموا بمعذوريّة الجاهل (١٩٣٤) في هذين الموضعين. وظاهر كلامهم إرادتهم (١٩٣٥)
______________________________________________________
المذكور ، لابتنائه كما ستعرفه على بقاء التكليف بالواقع ، وصحّة العمل المأتيّ به.
ومن هنا يظهر أيضا عدم تأتّي الإشكال المذكور فيما أفتى به جماعة من حلّية أكل الربا مع الجهل بالحكم مع التقصير ، لتصريحهم بالمعذوريّة بحسب الحكم التكليفي وفساد المعاملة. قال في الدلائل : «اعلم أنّ المعاوضة الربويّة باطلة من أصلها في القدر الزائد والمساوي ، عالما وجاهلا ، قاصرا ومقصّرا. لكنّ الدليل دلّ على أنّ الجاهل هنا لا إثم عليه وإن كان مقصّرا ، وأنّه متى عرف وتاب حلّ له ما مضى من الربا ، وإن كان متميّزا وصاحبه معروفا ، وإن لم يتب فكالعامد» انتهى.
١٩٣٤. المراد به الجاهل بالجهل المركّب ، لعدم تأتّي قصد القربة من الجاهل بالجهل البسيط ، فتبطل عبادته من هذه الجهة لا محالة.
١٩٣٥. هذا ظاهر ما سأل عنه الرسّي والرضي السيد المرتضى رضي الله عنهم ، على ما حكاه عنهم جماعة. قال الأوّل : ما الوجه فيما تفتي به الطائفة من سقوط فرض القضاء عمّن صلّى من المقصّرين صلاة المتمّم بعد خروج الوقت ، إذا كان جاهلا بالحكم في ذلك ، مع علمنا بأنّ الجهل بأعداد الركعات لا يصحّ معه العلم بتفاصيل أحكامها ووجوهها ، إذ من البعيد أن يعلم بالتفصيل مع جهل الجملة التي هي الأصل ، والإجماع على أنّ من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية ، وما لا يجزي من الصلاة يجب قضائه؟ ويقرب منه سؤال الثاني أيضا.
وأجاب المرتضى عنه مقرّرا لهما على ما يستفاد من كلامهما من كون الحكم مفروغا منه ، تارة (*) بأنّه يجوز تغيّر الحكم الشرعيّ بسبب الجهل ، وإن كان
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «لعلّ الجواب الأوّل مبنيّ علي كون الجهل عذرا من حيث الوضع والتكليف ، وإلّا لم يبق فرق بين الجوابين. ومراده بعدم معذوريّة الجاهل فيه عدمها فيما كان التنصيف فيه متعلّقا بالواقع من حيث هو من دون مدخليّة للجهل فيه. نعم ، ظاهر من أطلق سقوط القضاء هو إرادة العذر من حيث الوضع دون التكليف ، فيوافق الجواب الثاني. منه دام علاه».