.................................................................................................
______________________________________________________
البراءة ، ففيه ـ مع أنّ مختار المصنّف رحمهالله على القول بالصحيح هو القول بالبراءة ـ أنّ ثبوت الجزء والشرط حينئذ لم يكن بنفس الأمر بالكلّ والمشروط ، بل به بضميمة فتوى الفقيه وقاعدة الاشتغال ، فتدبّر. وإن أراد ثبوتهما به على القول بالبراءة عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، فلا محصّل له من رأس.
ويندرج في هذا القسم أيضا ما لو ثبتت أجزاء المركّب بأوامر متعدّدة ، كما إذا قال : كبّر واقرأ الفاتحة واركع واسجد وهكذا ، مع العلم بكون المجموع تكليفا واحدا ، لما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : «فإنّ كلّا منها أمر غيري» إلى آخره. والوجه فيه واضح ، لأنّ شيئا منها إن كان نفسيّا لم يعقل كونه جزءا من المركّب ، لوضوح عدم مطلوبيّة الجزء من حيث جزئيّته لنفسه ، فإذا كان غيريّا ينتفي الغير بانتفائه. وأمّا احتمال وجوب الباقي بعد انتفائه فهو منفي بأصالة البراءة.
ومن هنا يظهر ضعف ما حكي عن عوائد الأيّام ، قال : «لو كان هناك خطابات متعدّدة بتعدّد الأجزاء ، يمكن التمسّك في الأجزاء الباقية بما يدلّ عليه خطاباتها ، كما إذا قال : («يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، وقال في خطاب آخر : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) أيديكم ، وهكذا إلى آخر أجزاء الوضوء ، والوجه واضح» انتهى.
وأمّا الثاني ، بأن ورد قوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بناء على القول بالأعمّ وجواز التمسّك بمطلقات العبادات ، بأن كانت جامعة لشرائط العمل بالإطلاق ، وورد أيضا قوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» وقوله : «لا صلاة إلّا بطهور» ونحوهما ، فإنّ مقتضى إطلاق الأمر بالصلاة وإن كان وجوب الإتيان بها ولو مع تعذّر الفاتحة والطهور ، إلّا أنّ مقتضى إطلاق جزئيّة الفاتحة وشرطيّة الطهور سقوط الأمر بها حينئذ ، وهو حاكم على الإطلاق الأوّل ، فيكون قوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) مقيّدا بالقدرة على الفاتحة والطهور ، فلا يشمل العاجز عنهما.