.................................................................................................
______________________________________________________
وحيث كان هذا الاستدلال ضعيفا ، لأنّ المفهوم عدم مجيء الفاسق بالخبر ، بأن كان هنا فاسق ولم يجئ بالخبر ، كما هو مقتضى أخذ السالبة منتفية المحمول ، فلا يشمل صورة مجيء العادل بالخبر ، فوجّهه المحقّق القمّي رحمهالله مع الاعتراض على أصل الاستدلال ، فقال : «والوجه عندي أنّه ليس من باب مفهوم الشرط ، لأنّ غاية ما يمكن توجيهه على ذلك أن يكون المعنى : إن جاءكم خبر الفاسق فتبيّنوا ، ومفهومه إن لم يجئكم خبر الفاسق فلا يجب التبيّن ، سواء لم يجئكم خبر أصلا أو جاءكم خبر عدل ، فالمطلوب داخل في المفهوم وإن لم يكن هو هو».
ثمّ أورد عليه «أوّلا بأنّ ظاهر الآية إن جاءكم الفاسق بالخبر ، ومفهومه إن لم يجئ الفاسق بالخبر ، لا إن لم يجئ خبر الفاسق.
وثانيا : بأنّ المراد بالتبيّن والتثبّت طلب ظهور حال خبر الفاسق والثبات والقرار حتّى يظهر حال خبر الفاسق ، فكأنّه قال : تبيّنوا خبر الفاسق ، فالمفهوم يقتضي عدم وجوب تبيّن حال خبر الفاسق لا خبر العادل ، للزوم وحدة الموضوع والمحمول في المفهوم والمنطوق في الشرط والجزاء. نعم ، لمّا كان مقدّم المفهوم : إن لم يجئكم خبر الفاسق ، بحيث يشمل عدم خبر أصلا أو مجيء خبر عادل ، وتاليه : لا يجب تبيّن خبر الفاسق ، بحيث يشمل ما لو لم يكن هناك خبر أصلا أو كان ولكن كان خبر العادل ، فيندرج فيه خبر العادل ، ولكن لا يدلّ على عدم وجوب تبيّنه. مع أنّ ذلك خروج عن حقائق الكلام ، وترك للعرف والعادة بمجرّد احتمال كون السالبة منتفية الموضوع ، ولا ريب أنّه مجاز لا يصار إليه. وقسمة المنطقيّين السالبة إلى الموجود الموضوع والمنتفي الموضوع لا توجب كونه معنى حقيقيّا لها أو عرفيّا ، والكتاب والسنّة إنّما وردا على مصطلح أهل اللغة والعرف لا مصطلح أهل الميزان» انتهى.
قوله : «ولكن لا يدلّ على عدم وجوب تبيّنه ...». يعني : أنّ المقدّم ـ أعني : عدم مجيء خبر الفاسق ـ وإن كان أعمّ من عدم مجيء خبر أصلا ومن مجيء خبر